لا تزال ردات الفعل على تبني زعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري من خلال صحيفته وبصفحة أولى شعار "Je suis Charlie" تتطور في الشارع السني في لبنان، الناقم على سياسات الزعيم الشاب "المعتدلة لحد التطرف بالاعتدال"، حسب تعبير أحد الممتعضين.

ولعلّ توقيت إتمام عملية سجن رومية مباشرة بعد التضامن الصريح مع الصحيفة الفرنسية المنتقدة للأديان كافة من مسلمين ومسيحيين، بالاضافة لجلوس المستقبليين على طاولة الحوار مع "حزب الله" من دون تقديم الأخير أي تنازلات تذكر، عوامل ساهمت كلها بازدياد الغليان في شارع التيار الأزرق الذي لم يفهم بعد ما يحصل.

وكدليل على ذلك، فقد عكست خطب الجمعة في الأسبوعين الماضيين الاستياء العارم في الشارع السني إن كان من موضوع التضامن مع Charlie أو اقتصار العملية الأمنية على سجن رومية، مع اقتناع عدد كبير من المستقبليين أنّ "حزب الله" لن يقرن أقواله بالأفعال وبالتالي لن يقبل بتطبيق الخطة الامنية في مناطقه.

وإذا كان أكثر ما أثار امتعاض جمهور "المستقبل" تواجد صقر "المستقبل" النائب ​نهاد المشنوق​ على رأس وزارة الداخلية وقيادته للعملية الأمنية في المبنى "ب" في سجن رومية، فإنّ مصادر معنية تشير إلى أنّ "المستقبليين" لا ينفكون يعبّرون عن استغرابهم من فحوى مواقف قيادييهم، ويتحدثون عن "ضبابية" كبيرة تحيط هذه المواقف، "فيأتي الكلام شيء والسلوك شيء آخر كما ان الكلام قد يكون في كثير من الأحيان متناقضا".

ويستغرب أحد الممتعضين "اتقان المستقبل فن الخسارة والتنازل منذ زيارة زعيمه النائب سعد الحريري الى سوريا بعد مقتل والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وصولا لرضوخه المستمر لارادة حزب الله وآخرها القبول بالجلوس معه الى طاولة الحوار بمقابل تمسكه بالقتال في سوريا وبسرايا المقاومة".

رغم ذلك، لا يرى الجمهور السني اليوم بديلا عن "التيار الأزرق" المعتدل بعدما اختبروا في فترة من الفترات انعكاسات تأمينهم بيئة حاضنة للجماعات المتطرفة التي ما لبثت أن انقلبت عليهم. وتقول المصادر في هذا الاطار: "يُدرك الشارع السني أن ممثله في السلطة ضعيف وغير قادر على اتخاذ القرارات الحاسمة، الا أنّه لا يرى بديلا عنه".

ولا يختلف الأمر على "الجبهة الطرابلسية"، حيث تسيطر الخيبة على سنة طرابلس الذين يعتبرون أن "المستقبل" قدّمهم "كبش محرقة" اكثر من مرة، وآخرها خلال أحداث التبانة، من خلال وقوف الوزيرين المشنوق واشرف ريفي ضد الجماعات التي تعاطفوا معها في فترة من الفترات.

وتقول المصادر في هذا السياق: "لعل العملية الامنية في سجن رومية، وملفا الموقوفين الاسلاميين وموقوفي التبانة اللذان لا زالا يراوحان مكانهما، عوامل أفقدت ريفي شعبية وحيثية عمل عليها في فترة ما قبل توليه وزارة العدل، حتى ولو كان يبقى الوحيد بين قيادات المستقبل، الذي يعبّر الى حد ما عن نبض الشارع الطرابلسي السني".

اما المؤكد فهو أن الاحتقان المذهبي بين جمهوري "المستقبل" و"حزب الله" لم يتم تنفيسه، بعكس ما يحلو لمحرر البيانات التي تصدر بعيد كل جلسة حوارية تجمع الجانبين أن يُردد، فبعكس جمهور "حزب الله"، فان جمهور التيار الأزرق يعي يوما بعد يوم أن ممثله في السلطة لا يعبّر عن مواقفه وارادته.