فجر السبت الفائت، عثر على جثة الفلسطيني النازح من سوريا إبراهيم محمد الجنداوي (18 عاماً)، مصابة بطلقات نارية في أحد أزقة حي الرأس الأحمر في عين الحلوة. حادثة الاغتيال ليست الأولى من نوعها في المخيم في الأشهر الماضية، لكنها أثارت جدلاً من نوع آخر، ليس تقاذفاً بين فتح والمتشددين، بل ضد حزب الله. فبعد ساعات قليلة على نقل الجثة إلى مستشفى القدس، انتشر بيان موقع باسم «الشباب المسلم في عين الحلوة الطوارئ» جاء فيه: «ثبت على الخائن الجنداوي من خلال معلومات مؤكدة وموثقة بالصوت والصورة أنه عنصر من شبكة خاصة بحزب الشيطان في عين الحلوة/ الطوارئ، تعمل على نقل المعلومات. وبإذن الله سيكون هذا مصير كل من تثبت عمالته».

«عصبة الأنصار الإسلامية» التي تتعرض لحملات تحريضية في الآونة الأخيرة، لم تفلت من سهام البيان أيضاً، الذي أشار الى «أننا أخبرنا الإخوة في عصبة الأنصار عن الشبكة، لكننا لم نر رد فعل منهم»، داعياً اياهم الى أن «اتقوا الله، فعلاقاتكم المشبوهة مع الدولة وحزب الله لن تجلب إلا الخراب عليكم وعلينا».

الجنداوي الذي وصل مع عائلته إلى المخيم مع بداية الأزمة السورية، وأقام في حي الطوارئ، ليس عنصراً في سرايا المقاومة كما روج «الشباب المسلم»، إذ نعاه الحزب العربي الإشتراكي والشباب القومي العربي. البيان الصادر عن الحزب أكد أن الجنداوي «ليس سرايا أو حزب الله بل ينتمي الى الحزب العربي». أما الشباب القومي العربي، فقد «زفّ إلى الأمة العربية والشعب الفلسطيني الجنداوي الذي اغتالته يد التكفير في عين الحلوة». وقد شيع الجنداوي أمس في جامع الموصلي عند مدخل حي التعمير قبل أن يوارى الثرى في جبانة سبلين في إقليم الخروب.

مصدر أمني من داخل المخيم لفت إلى أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الجريمة «تمثل رسالة إلى العصبة ومن يتواصل مع الدولة وحزب الله، لكنها رسالة مخففة لكون المستهدف غريباً وليس من أبناء عشائر المخيم لكي يستجلب رد فعل انتقاميا ثأراً له».

من جهة أخرى، دخل «الشباب المسلم» في «بازار شادي المولوي»، ففيما أشارت مرجعيات أمنية لبنانية وفلسطينية رفيعة الى أن الأخير غادر المخيم يوم الجمعة الفائت، ناشد «الشباب المسلم» «الأخ شادي والأخ أسامة منصور، بما لنا عليهما من حق الإسلام، تقديم دليل واضح، تسجيل مصور أو ما شابه، يثبت أنكما خارج المخيم لقطع الطريق على كل ماكر وحاقد على مخيمنا وقضيتنا». علماً بأن العصبة التي أوكل إليها التوسط مع المولوي لإخراجه، لم تجزم بعد مصيره.

وعلى صعيد منفصل، دعا الشباب المسلم الى المشاركة في الاعتصام الذي نظمته اللجنة الشبابية عصر أمس تضامناً مع أهالي الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية. اللافت أن قائد القوة الأمنية المشتركة في المخيم العميد الفتحاوي خالد الشايب كان في مقدمة الحضور إلى جانب أمير «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب.

إعاشات فاسدة في مستودعات الجماعة الإسلامية

دهمت قوى الأمن الداخلي صباح السبت الفائت مستودعات الهيئة الإسلامية للرعاية التابعة للجماعة الإسلامية في صيدا، بعد تسجيل حالات تسمم بين عدد من النازحين السوريين، في مجمع الأوزاعي في صيدا، كانوا قد تلقوا مساعدات غذائية من الهيئة التي تلتزم متابعة حاجات قاطني المجمع. القوة التي رافقها مندوبون من وزارة الصحة، اكتشفت وجود مواد غذائية إما منتهية الصلاحية أو غير محدد تاريخ صلاحيتها، وأطعمة فاسدة، وروائح كريهة تنبعث من بعضها. حتى ليل أمس، لم يعلن عن توقيفات أو توضيح حول ملابسات المساعدات الفاسدة التي كان من الممكن أن تصل أضرارها إلى أكثر من تسمم وقيء.

مصادر مواكبة للتحقيقات أوضحت أن المواد الفاسدة «جزء من صفقة كبيرة أنجزها عدد من مجلس أمناء الهيئة ممن هم في الوقت ذاته قيادات في الجماعة»، لافتة إلى اتصالات مكثفة «أجريت على أكثر من صعيد طوال اليومين الماضيين لتطويق الواقعة وذيولها». وعلى نحو تدريجي، بدأت تنتشر بين النازحين المتضررين رواية تفيد بأن «القصة كلها تلفيقة من أحد النازحين لأنه لم يحصل على حصة تموينية أكبر». الإشاعة الأخرى التي لاقت رواجاً في صيدا، أن الهيئة «اشترت البضاعة من تاجر قريب من حزب الله»، ما ينقل الوجهة من استغلال جشع لحاجة النازحين إلى «مؤامرة ضد الجماعة وضرب علاقتها بالشعب السوري الذي يقتله الحزب في أرضه».

المصادر أوضحت أن التاجر صاحب الصفقة «أحد أعضاء الجماعة وهو يملك سلسلة محال حلويات شهيرة في المناطق وتربطه، بحكم عمله، علاقات معرفة مع تجار من ذوي انتماءات طائفية وسياسية مختلفة». التاجر بدوره حاول رمي الموضوع على مدير أحد فروع محاله، مقراً بأنه تورط في صفقة فاسدة ووعد بالتصرف معه، علماً بأن التاجر محطّ تقدير وثقة في الجماعة.