على الرغم من تجاوز مخيم عين الحلوة "قطوع" قضية ​شادي المولوي​ و​أسامة منصور​ بـ"نجاح"، لا سيما في ظل الضغوط الكبيرة التي مورست على القوى والفصائل الفلسطينية، والتي استدعت زيارة سريعة إلى لبنان، من قبل القيادي في حركة "فتح" المشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد، إلا أن هذا الملف أكد مرة جديدة ما بات محسوماً، بالنظر إلى تكرار الحالة في أكثر من ملف، الإرهاب في لبنان يحظى بغطاء سياسي كبير لا يمكن بعد اليوم تجاهله.

في هذا السياق، تبدي مصادر فلسطينية، لـ"النشرة"، سعادتها بالنجاح الذي حققته "عصبة الأنصار"، من خلال دفعها المولوي ومنصور إلى الخروج من المخيم، في الوقت الذي كانت فيه السلطات اللبنانية تضغط من أجل دفع الجهات الفلسطينية الفاعلة في عين الحلوة للوصول إلى هذه الخاتمة "السعيدة"، لا سيما أن هذه المصادر ترى أن هناك من كان يريد أن "يورط" المخيم عبر هذه الأزمة، التي كانت قبل أيام قليلة لا تجد أيّ أفق لحلها، مع العلم أنّ نتائجها بدت خطيرة فيما لو استمر الوضع على ما هو عليه، أو لو وصلت المسألة إلى حائط مسدود، يكون فيه الخيار العسكري هو الحل الوحيد المتوفر.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لا يعنيها الطريقة التي خرج فيها الارهابيان المطلوبان إلى العدالة اللبنانية، المهم هو أنهما بات خارج المخيم، بالطريقة نفسها التي دخلا فيها، وأصبح موضوع ملاحقتهما من مسؤولية الأجهزة الأمنية اللبنانية، مع تأكيدها بأن ملف باقي المطلوبين ستتم معالجته بالطريقة نفسها، حيث الحل السياسي أفضل من الحل الأمني، لأن تداعيات الأخير ستكون خطيرة على حياة أكثر من 100000 شخص من سكان عين الحلوة.

وتشير المصادر الفلسطينية إلى أنها منذ اللحظة الأولى مع هذا الحل، لا سيما أن السؤال الذي كان يطرح نفسه بقوة هو عن كيفية دخولهما إلى المخيم، في ظل الإجراءات الأمنية المشددة المتخذة من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، لتؤكد أنها تفضل عدم الدخول في المزيد من تفاصيل هذا الملف الكبير، نظراً إلى أن ذلك قد يحرج الكثير من الجهات.

من جانبها، لا تزال مصادر لبنانية مطلعة تشكك في صحة المعلومات، التي تتحدث عن خروج المولوي ومنصور إلى بلدة عرسال في البقاع الشمالي، وترى أن تأكيد هذه المعلومات لاحقاً يجب ألّا يمر مرور الكرام، حيث من المفترض أن يضع الدولة اللبنانية أمام تساؤل خطير، عمّا إذا كان الإرهاب يحظى برعاية جهات سياسية وازنة تستطيع أن تؤمن للارهابيين هذا الخروج الآمن من أن دون أن تتمكن الأجهزة الأمنية من ضبطهما.

من وجهة نظر المصادر اللبنانية، فانّ التجارب السابقة تؤكد بأن للإرهاب رعاية من قبل بعض القوى السياسية، إذ لا يمكن تفسير ما كان يحصل بالمبنى "ب" من سجن رومية والتسهيلات التي كانت قائمة في بعض المناطق، إلا من خلال ذلك، لكنها توضح أن هذا الأمر كان عليه أن ينتهي، لا سيما أن الجميع بات يدرك خطر هذه الظاهرة على الأمن الداخلي والسلم الأهلي، وتسأل: "كيف من الممكن أن نفسر لأهالي ضحايا الأعمال الإرهابية هذه "الرعونة" في التعاطي مع المجرمين؟"

وترى هذه المصادر، عبر "النشرة"، أن نظرية "الأمن بالتراضي"، من الممكن القبول بها في قضايا عادية، كإزالة بعض التعديات، التي تتشارك القوى المختلفة على ضفتي 8 و14 آذار في تغطيتها، أو بعض القضايا الجنائية العادية، لكن أن تصل إلى الجرائم الإرهابية فهذا أمر تخطى كل الحدود، لأنه يعني أنّ هناك جهات تستخدم هذه الورقة الأمنية في اللعبة السياسية الداخلية أو الإقليمية، سواء كانت هذه الجهات محلية أو خارجية، وتؤكد أن من مسؤولية مجلس الوزراء الكشف عن الطريقة التي خرج فيها الإرهابيون من مخيم "محاصر"، وتدعو المجلس النيابي إلى مساءلة الوزراء المعنيين عن هذه القضية.

في المحصلة، إنّ الأمن لا يجب أن يكون بالتراضي ولو على أتفه الأسباب لأنّه أولويّة مطلقة وعلى الدولة الضرب بيد من حديد لحماية مواطنيها وليس التفريط بهم. هي قضية جديدة تزيد الغموض في المشهد السياسي اللبناني، لكنها تؤكد بما لا يقبل الشك أن التجاوزات، من أصغرها إلى أكبرها، تحظى برعاية من قبل جهات نافذة، وبالتالي لا يجب أن ينتظر المواطن من يخرج بعد مدة من يدّعي بطولة وهمية عند وضع حدّ لها.