لن تشكل المواقف المتبادلة بين وزير العدل اشرف ريفي وبين مساعد الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، خرقا لمسار الحوار الذي يدور بين «تيار المستقبل» وبين «حزب الله» برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، لان الجانبين وضعا جانبا مواضيع خلافية اكثر دقة وحساسية على غرار قتال «حزب الله» في سوريا وتداعياته على الواقع اللبناني امنيا ومذهبيا، او تشكيك «حزب الله» في دور المحكمة الدولية الخاصة بالنظر في جريمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الجرائم المرتبطة بها.

ولذلك تقول اوساط مواكبة لحركة الحوار بين الرئيس سعد الحريري وبين امين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله، من خلال وفدي الرجلين، بان ايا من المواضيع المثارة لن يؤدي الى «الاطاحة» بهذه اللقاءات، وان المطالبة بضرورة التنسيق المباشر من خلال قنوات رسمية لبنانية مع القيادة السورية ليستتبع بتنسيق ميداني بين الجيش اللبناني والجيش السوري لن تؤدي الى فرض ذاته على طاولة الحوار لكون هذا المطلب صعب التطبيق لعدة عوامل يعرفها فريق 8 آذار، وايضا لكون الجانبين لا يريدان تفخيخ الحوار باي مواضيع من شأنها ان تنسف ما حققاه حتى الان من تطويق للمناخات السياسية والاعلامية، بحيث غابت عن الواجهة سابقة تبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات بعيد الاعتداءات الاخيرة للارهابيين على مراكز الجيش اللبناني في البقاع الشمالي، وكذلك بعيد الغارة الاسرائيلية على عناصر «حزب الله» في الجولان السوري لناحية تواجد هؤلاء العناصر خارج الاراضي اللبنانية، لجملة اهداف لها صلة بحسابات حزب الله من النظام السوري والعدو الاسرائيلي.

وان كانت الجلسة الاخيرة للحوار شكلت استمرارا لسياسة تطويق التوتر واستباق الفتنة المقبلة، فان النقاش لا يزال يدور حيال دور «سرايا المقاومة» وضرورة نزع الشعارات والصور التي تشكل استفزازا في عدة مناطق، ولا سيما العاصمة بيروت.

ولكن حتى حينه، حسب الاوساط ذاتها، تثابر القوى المتحاورة على ممارسة سياسة كسب الوقت على حساب الفريق المقابل، اذ ان تيار المستقبل الذي يتمسك بهذه الخطوة الاستراتيجية يتطلع الى تطورات المنطقة على انها ستكون لصالحه في ظل ممارسة ايران «الشغب» في عدة دول خليجية من خلال حلفائها في تلك البلدان وهو امر من غير الممكن ان ينتهي لصالحها في موازاة الحل المرجو لملفها النووي الذي قد يفرض ضبطا لتمددها سواء شهد تفاهما مع دول الغرب ام من خلال الخلاف معها، لانه من غير الممكن ان تتساهل الادارة الاميركية مع طهران، في حال لم تتجاوب مع شروط واشنطن في ظل دخول الجمهوريين الى الكونغرس في شهر اذار المقبل وتمسكهم بالعقوبات المفروضة عليها. ولذلك فان الجمهورية الايرانية الاسلامية قد تكون امام بداية العد العكسي لمرحلة طويلة من المناورات مكنتها من هز استقرار المنطقة وفرض نفوذها.

ولا يسلم «حزب الله» بالمقابل برهان تيار المستقبل ان قتاله في سوريا يشكل ارهاقا له علي اكثر من صعيد ولن يأتيه باي مكسب، لكون الرئيس السوري بشار الاسد لن يكون مستقبلا داخل التسوية، اذا ما تقرر طي صفحة الازمة الدموية في سوريا، بل ان «حزب الله» يتعاطى مع الواقع الذي فرضته السياسة الايرانية في المنطقة بادائها الميداني، بحيث انها فرضت حضوراً سياسيا لهذا المحور في هذه الدول، وبات من غير الممكن ان يتم تغييب هذا الفريق في التسويات المقبلة، بحيث سيكون فريقاً اسـاسياً ومؤسساً في المشهد الجديد الذي فرضته الجمهورية الاسلامية الايرانية من خلال استعادة الحـقوق السياسـية لمجموعات تدور في فلكـها، وان الـذي بات واضحاً على ما يقول مراقبون وديبلومـاسيـون متابعون لتطورات المنطقـة، هو ان «حزب الله» يتعاطى مع الاحداث وفق قنـاعـة بانه لن يخرج خاسراً من اي مواجهة، على ما دلت عليـه استحقاقات لاحقة. وهو في المقابل تمكن من الدخول في حوار «يطبع» قتاله في سوريا، في مقابل عدم تخـوفـه من نتائج احكام المحكمة الدولية التي يشكك فيها، عـدا انه يجد ذاته من خلال انتشاره العسكري في سوريا والعراق وتمدده في عدة دول خليجية، افريقية وآسيـوية، حسب المصادر، في مواجهة نتائجها اقوى من التداعيات التي ستترتب عليه في حال «جرّمته» المحكمة الدولية في قضية استشهاد الحريري، لانه اما يكون «واحداً» من فريق المواجهة مع ايران في مقابل الغرب وامـا يكون في عداد التسوية التي تشهدها المنطقـة ربما... ولـذلك ستطوى كـافة الملفات الخلافية و«تذوب» احكام المحـكـمة في خضم التفاهمات بين ايران وبين المحور المقابل لها برعاية دولية...