العلاقة بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري لا تزال متواصلة، وإن على نار خفيفة. أما الحفاوة اللافتة التي لقيها العماد عون، في زيارته الأولى الى المملكة العربية السعودية، فأشّرت الى «ملامح» فتح صفحة جديدة في العلاقة بين الجنرال المشاكس والعهد السعودي الجديد، والى أن أبواب الرياض ليست مغلقة في وجه سيد الرابية.

ورغم أن مصادر في التيار الوطني الحرّ لم تشأ المبالغة في طغيان الجانب السياسي على زيارة هي ــــ أساساً ــــ اجتماعية، للتعزية برحيل الملك عبدالله بن عبد العزيز. إلا أن هذه المصادر لم تنفِ «المسحة السياسية» عنها.

في الشكل والتوقيت، كان واضحاً أن الزيارة «مدوزنة»، واُعدّ لها بعناية أحاطت بكل تفاصيلها، من بيروت. كما كانت لافتة حفاوة الاستقبال، من المطار الى الديوان الملكي، حيث حرص البروتوكول الملكي على حجز مقعد للعماد عون في الصفّ الأول من المعزين بعد تقديمه العزاء للعاهل السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز، وهو ما لم يحظ به كثيرون من أعضاء الوفد الرسمي الذي رافق رئيسي المجلس نبيه بري الحكومة تمام سلام، كما لم يحظ به بعض أعضاء وفد 14 آذار. كذلك كان واضحاً حرص البروتوكول على ترتيب جلوس عون الى جانب الحريري، ومعهما وزير الخارجية جبران باسيل. وبالمقدار نفسه، كان واضحاً اهتمام وسائل اعلام التيار الوطني الحر بتظهير الحفاوة التي رافقت الزيارة.

أما القبلات الحارة التي تبادلها عون والحريري فقد أشارت الى أن «بركات» الحوار السابق بين الطرفين لا تزال آثارها باقية في العلاقة بين الرجلين، وأنها أكثر حميمية مما هو ظاهر في الاعلام، رغم أن عون لم «يقيّل» في منزل الحريري. علماً، بحسب معلومات «الأخبار»، أن التواصل لم ينقطع يوماً بين باسيل ومستشار الحريري، نادر الحريري. وعلماً أن في التيار الوطني الحرّ من هو مقتنع بأن هذا «التواصل المستمر على نار خفيفة» هو ما يساعد ويواكب الحوارات الدائرة في البلد، على الجبهتين المسيحية والاسلامية.

لا أحد في التيار وغيره يرغب في تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، ولا يعني «لقاء الواجب الاجتماعي»، رغم ما تخلله من كلام سياسي، أن المواقف باتت متطابقة. لكن ذلك لا يقلل من شأن الزيارة ولا من شأن «الرسائل» المتبادلة التي رافقتها، على أن يُبنى عليها في المرحلة المقبلة.