بالرغم من الامكانيات العسكرية الكبيرة التي أظهرها "حزب الله" في حرب تموز 2006 وما سبقها وتلاها، كان البحث ب​الاستراتيجية الدفاعية​ وإمكانية ضمّ قدرات الحزب الى كنف الدولة ممكنا، إلا أنّ تحوله بعد العام 2012 للقوة الأبرز والأكثر فعالية على الأرض السورية، ومن بعدها إثباته بالقول والفعل امتلاكه أحدث أنواع الأسلحة، وصولًا للحديث عن "تخمة سلاح نوعي"، فضلا عن قدرته على تنفيذ عمليات نوعيّة، كما هدّد أمينه العام السيد حسن نصرالله قبل فترة ردًا على غارة القنيطرة التي استهدفت موكبًا وقادة له، كلها عوامل تؤكد أنّ فائض قوة الحزب العسكرية بات يمنع وبما لا يقبل الأخذ والرد ضمّه الى كنف الدولة.

"حزب الله" اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بات أكبر من هذه الدولة التي تتداعى مع الأيام واكثر فعالية وتنظيما على المستوى العسكري والأمني، وهو ما يشدد مقربون منه على وجوب التفرقة بينه وبين باقي المستويات، فالحزب بحجمه وبمؤسساته لا يمكن مقارنته بحجم ومؤسسة دولة قائمة بذاتها بالرغم من كل فشلها وعجزها.

وتتوقع مصادر معنية بهذا الموضوع أن لا ينجح اللبنانيون في المدى المنظور، بالتوصل لاتفاق على هذا الصعيد حتى ولو دخلت المنطقة مرحلة التسويات الكبرى. وتقول المصادر في هذا الاطار: "الخلاف حول هذه الاستراتيجية يبدأ من الـ"أ" ومن مبدأ أساسي بحيث يتمسك فريق من اللبنانيين بكون لبنان جزءًا من منطقته ومن الصراع العربي الاسرائيلي، فيما يطالب قسم آخر بالحياد وهو ما يعني أن أي فريق غير قادر على اقناع الفريق الآخر بوجهة نظره علما ان الموضوع يتخطى وجهة النظر الى المبادئ والقناعات".

وتشير المصادر الى أن أيّ اتفاقٍ من هذا النوع سيعني غلبة فريق على آخر وفرض قناعاته وشروطه عليه بالقوة، وهو ما لا يبدو متاحا وفق التركيبة اللبنانية الحالية.

وفي ظل الواقع الراهن، تفضل المصادر البحث عن تسوية معينة ترضي الجميع، فيتم ضم بعض طاقات الحزب الى الدولة بالمقدار المستطاع وليس جميعها. وتضيف: "أصلا ما الذي تريده الدولة من حزب الله غير فتح مناطقه وعدم وجود مربعات أمنية وهذا الأمر تحقق الى حد بعيد، كما أنّه يتعاون بالموضوع الأمني والعسكري ويضع كل امكانياته بتصرف الدولة وأجهزتها الأمنية، أما بما يتعلق بالصراع الوجودي، فلا نرى امكانية لانضواء الحزب تحت سقف الدولة التي لا توافقه فكره ومبادئه في هذا الخصوص".

ولا تستغرب المصادر أن يكون الطرح الذي خرج به رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري أخيرا لجهة وجوب التوافق حول ​مكافحة الارهاب​ بوابة لعودة الحديث بالاستراتيجية الدفاعية، لافتة الى أن مواجهة الإرهاب أسهل بكثير من الاتفاق على كيفية مواجهة اسرائيل، الا أن الحديث بالأمرين وبالطريقة التي يتم بها حاليا غير جدي ولا يقف على أسس ثابتة.

في المحصلة، يبدو أنّ "حزب الله" هو الطرف الأذكى في كلّ هذه المعادلة، إذ يستفيد من الوقت والتجاذبات الماضية والحالية شاغلاً نفسه بكيفية تحوله قوة اقليمية تفرض كلمتها على المستوى الدولي، وهو ما تحقق بنسبة عالية خلال الأزمة السورية حيث أصبح لاعبا أساسيا لا يمكن لأي تسوية أن تمر فوقه.