لا يرتبط الضجيج الذي يثيره رئيس الحكومة ال​اسرائيل​ية بنيامين نتنياهو في الجدل الذي فتحه مع الادارة الاميركية على خلفية دعوته من رئيس مجلس النواب الاميركي لإلقاء كلمة في 3 آذار المقبل من دون تنسيق مع البيت الابيض في اطار تحذيراته من اتفاق مع ايران حول ملفها النووي بالحملة الانتخابية التي يخوضها من اجل كسب الانتخابات والعودة الى رئاسة الحكومة مجدداً فقط بل بحقيقة مخاوفه من اتفاق لا يأخذ ما يعتبره مصلحة اسرائيل وأمنها في اتفاق مماثل وفق ما يرى مراقبون كثر. وهذا الجزء الاخير من الضجيج الذي يفتعله هو الذي يثير اهتمام متابعين أكثر من الانتخابات الاسرائيلية نفسها انطلاقاً من اعتقاد راسخ هو أرجحية عودة نتنياهو وفق تحالفات يعقدها مع احزاب صغيرة الى رئاسة الحكومة مجدداً على رغم الحساسية التي يثيرها لدى البيت الابيض او تلك التي بات يثيرها لدى دول غربية عدة، وهو اخذ الحملة الانتخابية من خصمه الاساسي "الاتحاد الصهيوني" الذي ينافسه على مواضيع اقتصادية وامنية مبنية على استعدادات لاستئناف التفاوض مع الفلسطينيين للوصول الى حل الى بعد اكثر خطراً بالنسبة الى اسرائيل وهو ملف ايران النووي بصرف النظر عن مدى تأييد الاسرائيليين للخصومة التي فتحها مجدداً مع الادارة الاميركية ونيته في تصعيدها ام لا. ومع نتنياهو لن يتغير شيء على الاغلب في ملف التفاوض مع الفلسطينيين خصوصاً في ضوء الصفعة التي وجهها نتنياهو للخطة التي حملها وزير الخارجية الاميركي جون كيري قبل عام تقريباً والتي كان يفترض بموجبها، ان تثمر ايجابيات في الربيع محبطاً كل الآمال التي علقها اوباما على اختراق يحققه في ملف السلام بين اسرائيل والفلسطينيين في ولايتيه الاولى والثانية، بحيث يبدو متعذراً بل مستحيلاً ان يتغير أي أمر على هذا الصعيد قبل انتهاء ولاية اوباما في 2017، وفي ظل اقتناع لدى كثر بان اسرائيل قد تبدو اكثر ارتياحاً من اي وقت مضى في ظل ما يحصل في المنطقة بحيث لا ترى نفسها مضطرة الى ان تقدم على اي تنازل في موضوع السلام في المدى المنظور خصوصاً ان ليس هناك من الضغوط ما يكفي لإرغامها على ذلك ولا وجود لأي قدرة خارجية على دفعها للقيام بذلك، ما يجعل الرهان على اي متغيرات قد تساهم الانتخابات المقبلة في الوصول اليها في غير محله. أضف الى ذلك ما بات الجميع مقتنعاً به وهو ان نتنياهو لا يملك قماشة الزعماء التاريخيين لإسرائيل القادرين او الراغبين في احداث تحول جذري في مسار الاوضاع في المنطقة.

ويحظى الضجيج الذي يثيره نتنياهو بالمتابعة ليس لان الهموم في الدول العربية المجاورة تسمح بترف مراقبة تطور خلاف بين الولايات المتحدة وربيبتها اسرائيل والرهان على متغيرات في ضوئه، وقد شد هذا الضجيج العصب في كل من اسرائيل وواشنطن مع الاشارة الى ما لفت كثيرين الى ما يعتبر خطاً بيانياً للعلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل من غير المحتمل ان يهتز بدليل اعلان وزارة الدفاع الاسرائيلية قبل ايام انها توصلت الى اتفاق مع واشنطن من اجل الحصول على 14 طائرة مقاتلة اميركية من نوع اف 35 سيتم تمويلها من المساعدات العسكرية الاميركية لإسرائيل التي تصل الى ثلاثة مليارات دولار في السنة . لكن ما يهتم به كثر هو هل يمكن ان تقدم واشنطن ضمانات حقيقية وهل يمكن ان تنسحب على جميع القلقين من اتفاق مع ايران؟