لا تزال حرب المضائق مستمرة بين المحور الأميركي والمحور المقاوم بالتحالف مع روسيا وبعد إنتقال الصراع إلى باب المندب في اليمن وسقوط مضيق هرمز بالسيطرة الإيرانية يبقى مضيق جبل طارق الذي أحرز الأميركيون فيه ربحاً بالنقاط بعد إسقاط القذافي وإلغاء التأثير الروسي مما دفع الروس للتمسك بالجزائر وعدم خسارتها...

لكن ما الذي تريده أميركا من الفوضى الليبية ؟

إن الإدارة الأميركية وعبر أدواتها الخليجية (قطر) والتركية تسعى للفوضى المستدامة في ليبيا لتحقيق الأهداف الآتية:

- إطالة المعارك والحروب الداخلية لسنوات عديدة لتمزيق المجتمع الليبي عبر القبائل والقوى الجهوية والمناطقية وتحويل المجتمع الليبي إلى صومال جديدة في القارة الأفريقية وتعميق الفرز الديمغرافي وصولاً للتقسيم وفق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

- تصدير العنف والحركات التكفيرية وإسقاط الحدود بين ليبيا وكل من مصر وتونس والجزائر والبلاد الأفريقية المحيطة لإشعال دائرة قتال تشبه دائرة القتال الأولى في سوريا والعراق ولبنان وصولاً للأردن والسعودية بإنتظار إشعال الدائرة الثالثة في اليمن والسعودية وأريتريا والدول المجاورة قرب باب المندب.

- تأمين رأس جسر للوجود الأميركي وتأمين قاعدة للجيوش الأميركية في أفريقيا المعروفة بإسم (USAFRICOM)

- استدراج الجيش المصري للمواجهة بعدما فشل مشروع الأخوان في مصر وعدم قدرة (أنصار بيت المقدس) على الإستنزاف الجدي للجيش المصري، لذا عمدت أميركا لوضع مصر بين خيارين كلاهما خطير وخاسر، فإما أن تنتظر وصول داعش إلى الأراضي المصرية وقتال السلطة والجيش المصري في الداخل أو استدراج الجيش المصري للرمال الليبية والغرق فيها وصولاً للقضاء عليه بعد استنزاف الجيشين السوري والعراقي واكتمال خطة تدمير أو شلل الجيوش العربية الرئيسية (مصر- سوريا- العراق) التي تهدد إسرائيل بعد تجربة حرب تشرين عام 1973 وتحويل هذه الجيوش الى قوات شرطة تقاتل عصابات التكفير في داخل ساحاتها.

- تهديد أوروبا من البوابة الإيطالية على مستوى التفجيرات وتسلل المسلحين التكفيريين من السواحل الليبية القريبة والتي يمكن التسلل منها إلى تونس والسفر بحراً الى إيطاليا التي لا تتجاوز المسافة بينهما حوالي 150 كلم وتحتاج لعدة ساعات فقط ،مما يزيد مشكلة المهاجرين للدول الأوروبية وإرباكها بالمهاجرين غير الشرعيين بالإضافة إلى المهاجرين الشرعيين الذي يشكلون البيئة الحاضنة والولادة للتكفيريين الذين سيبدأون حربهم التكفيرية في أوروبا وفق المخطط الأميركي- الصهيوني لإجبار ما تبقى من اليهود للهجرة إلى إسرائيل وتفكيك الإتحاد الأوروبي وإشعال الفتنة الإسلامية – المسيحية من جديد بالإضافة الى الفتنة الإسلامية – الإسلامية.

- نهب الثروات الليبية من النفط وإضافة المخزون الأميركي من النفط بالسيطرة المباشرة خصوصاُ وأن النفط الليبي يتمتع بميزات استثمارية واستهلاكية ممتازة.

- بناء دولة ضعيفة ممزقة بعد إنهاك الأطراف الداخلية وإغراقها بالديون نتيجة استمرار المعارك وإنخفاض الصادرات النفطية وصولاً لتنصيب رئيس وحكومة يتبع أميركا والمرشح لهذا المنصب هو اللواء حفتر الذي تم استخراجه من المخازن العسكرية الأميركية والدفاتر القديمة بعد غياب دام أكثر من عشرين عاماً حتى سقوط القذافي.

لقد انتقلت ليبيا وشعبها من ديكتاتورية القذافي التي استمرت أكثر من أربعين عاماً من الإلغاء والإستعباد إلى الإستعمار الأميركي بمخالب عربية خليجية ومسلحين تكفيريين، لإعادة إخضاعها من جديد للإستعمار، بعدما استطاع المقاوم عمر المختار وإخوانه من تحريرها ومقاومة الإستعمار الإيطالي وها هي ليبيا تعود للمصادرة ثانية وتغتصب ثانية وتثخنها الجراح لكن بأيدي ليبية عربية ومسلمة تنفذ أوامر أميركية وصهيونية كما يحصل في بلاد الشام ومصر.

ليبيا سلاح الدمار الشامل لشمال أفريقيا والتي ستصيب شظاياها أوروبا عما قريب وبدون مكابرة علينا أن نعترف أن المشروع الأميركي يتقدم في بعض الجغرافيا العربية بسهولة وبسرعة وصحيح أنه فشل أو تمت عرقلته في سوريا والعراق ولبنان... لكن ليبيا وجيرانها قد غرقت في حفرة النار الأميركية بأيد تكفيرية.