تطغى في السعودية اليوم هواجس متعددة، مصدرها القلق المتنامي من ان تكون المساحة الجغرافية نهبا للارهاب، كغلال طبيعي لزرع اريد منه ان يكون سما حصريا في العراق وسوريا .

ولذلك من الجلي ان هناك مراجعة للارتكابات المتعددة التي حصلت ابان حكم الملك عبدالله، وقد عبر عن ذلك الملك سلمان بعد ان تسلم الحكم مشيرا الى "اخطاء" وقعت دون ان يسميها. الا ان الترجمة العملية للتوجه الجديد جاءت صاعقة بحيث انه اجرى تغييرات شبه جذرية في مواقع السلطات كلها، ولاسيما في المواقع الامنية والعسكرية وتم نقل مواقع اتخاذ القرارالى اقرب المقربين مع تشكيل هيئات ولجان موازية بيدها القرارالنهائي ولا سيما في مجالي الامن والدفاع وبالاخص الاجهزة الاستخبارية والاستغناء عن خدمات من باتت اسماءهم "فاقعة في التورط" بالشؤون التخريبية والدموية في الخارج مثل الامير بندر من سلطان .

من الواضح ان الحكم الجديد في السعودية لن يتمكن من الخروج بسرعة من اسر المرحلة السابقة وخصوصاً أن هناك معاندة في مواقع عدة بغض النظر عن غياب سعود الفيصل عن الواجهة منذ تسلم الملك الجديد الحكم، من دون ان يكون بالضرورة قد تم نقله الى موقع لاعب احتياطي، وعودته الى الواجهة اذا استدعت الضرورة .

مصادر القلق في السعودية متعددة، واولها نجاح ايران في التوصل الى اتفاق مع الولايات المتحدة خصوصا، والقوى العالمية عموما الى اتفاق بشأن الملف النووي، سيما انه لم يعد من شك بان الادارة الاميركية صارت على قناعة بان الجمهورية الاسلامية لا تسعى الى امتلاك سلاح نووي للاغراض العسكرية، وانما للاغراض السلمية باشكالها المتعددة .

وتشاطر السعودية هذا القلق، الدولة العبرية وبالاخص اليمين المعبر عنه في مواقف زعيم الليكود بنيامين نتنياهو الذي يصر على القاء خطاب تحريضي على ايران من على منبر الكونغرس، رغم صدور دعوات على السنة اسرائيلية الى الغاء الخطاب لاعادة اصلاح العلاقة مع البيت الابيض "لان الاميركيين اسخياء مع اسرائيل وهم يقدمون اكثر من اربعة مليارات دولار مساعدة امنية سنويا لها"، وان هناك شيئا لا يمكنهم التساهل فيه وهو المس سياسيا برئيسهم، ولن يغفروا لنتنياهو ذلك وسيعتبرونه خيانة".

الملف الثاني المؤرق للسعودية يتعلق باليمن والتطورات التي اطاحت او على طريق الاطاحة بكل ما فعلته طوال الاعوام الخمسة والعشرين الماضية .

ثالثا: الفشل الكبير لسياستها الرعناء في سوريا، التي ورطها فيها الثنائي سعود الفيصل وبندر بن سلطان.

رابعا: العجز عن حل القضية البحرينية رغم التدخل الامني الفظ عن طريق درع الجزيرة واجراءات اخرى .

خامسا: القلق من صنائعها الارهابية في العراق حيث باتت تستنزف طاقات وموارد كبيرة للمحافظة على الحدود مع العراق سيما بعد العملية الاخيرة، ومقتل اربعة عسكريين بينهم ضابط كبير.

سادسا: الارتباك في الملف الليبي، بعد الغارات المصرية على مواقع تنظيم داعش والذي انعكس في بيانين متناقضين لمجلس التعاون الخليجي ومن ثم تحميل المسؤولية لشخص امين عام المجلس عبد اللطيف الزياني .

كل الدلائل معطوفة على المذكور اعلاه تؤكد ان السعودية لا بد ان تنتقل الى اعادة ترتيب اوراقها، وترتيب الاوراق يبدا من الانكفاء الى الداخل وهو ما بدأ عمليا، سيما ان الارهاب لم يعد يطرق الابواب وانما بات يعشعش في الداخل بانتظار اشارة الإنطلاق .

الواضح ايضا أن القيادات تدرك المخاطر، ولذلك انطلقت منتصف الاسبوع الجاري، اول مناورات من نوعها في السعودية تحت اسم "وطن 85" لرفع مستوى التنسيق بين الاجهزة الامنية ورفع مستوى جهوزيتهم، ومواجهة التنامي الملحوظ في نشاطات الجماعات والتنظيمات الارهابية، وفق ما تم نشره سعوديا.

ويشارك في المناورات رجال امن 8 قطاعات أمنية، والهيئة العليا للأمن الصناعي والمصلحة العامة للجمارك، وتجري باشراف الامير محمد بن نايف.