لا شكّ أنّ "تحالف الضرورة" بين رئيسي الجمهورية السابقين أمين الجميّل و​ميشال سليمان​ ووزير الاتصالات ​بطرس حرب​ سيجتمع مرة جديدة بحثاً عن دور في المرحلة المقبلة. هذا بالمختصر ما يحاول التحالف الجديد فرضه في ظل الشغور الرئاسي. وفي جديد الحلف انسحاب وزير السياحة ميشال فرعون من دون أن يعلن ذلك رسميّا بعد مشاورات مع "تيار المستقبل" ومع بعض مسيحيي الرابع عشر من آذار. أما دخول البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على خط الاجتماعات ففيه من تلاقي المصالح حيّزٌ كبيرٌ خصوصاً وأن البطريرك الراعي بات ممتعضاً من السعي العوني-القوّاتي الى توافق سياسيّ غير مرتبط بالصرح البطريركي.

الحلف بات يجمع المتضرّرين من توافق "التيار الوطنيّ الحرّ" و"القوات"، والذين باتوا يتوجّسون ممّا يُشاع بأن رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون سيصبح رئيسًا للجمهورية اللبنانية الى جانب حليف مسيحيّ قويّ هو رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ الذي قد يمسك بوزارة الداخلية وبشخصه.

والمتضرّرون حسب المصادر المتابعة لملفّ رئاسة الجمهوريّة هم:

1-البطريرك الراعي، ومحاولاته تسويق ماروني مستقلّ عوضاً عن عون أو جعجع والتي باءت بالفشل والأسماء التي سعى الى تزكيتها باتت في حكم المحترقة، وهو الذي لم يستطع أيضًا جمع الأقطاب المسيحيين تحت سقف بكركي في حين أن القطبين الأساسيين استطاعا أن يجتمعا ومن دون العودة اليه.

2-أمين الجميّل الذي أدرك أن اتفاق عون-جعجع يعني محاولة قضم حزب "الكتائب" سياسيًّا على غرار ما حصل سابقًا مع حزب "الوطنيين الأحرار". إذ أنّ أي تحالف بين الحزبين على صعيد الانتخابات في لبنان ولو حتى الطالبية سيطيح بباقي الأحزاب المسيحية الأخرى. كما أنّ وصول عون الى رئاسة الجمهورية بمباركة جعجع سيقطع الطريق على حلم الجميّل بأن يكون الرئيس التوافقي المقبل.

3-ميشال سليمان الذي يراهن على استمرار الخلاف بين عون وجعجع، في محاولة فاشلة لتكملة ما كان يفعله أيّام رئاسته عبر تحالف سياسيّ انتخابي لإيصال كتلة نيابية رباعية الى المجلس النيابي تبقيه عائمًا في الحياة السياسيّة وليكون جنبًا الى جنب حول طاولة الحوار، ولادراكه أن لا دور له في أي مرحلة جديدة يتّفق فيها قطبا "التيار الوطنيّ الحر" و"القوّات"، ورفضه الانضواء تحت لواء أي من الفريقين لأنّه يرى نفسه رائد الوسطية و"صاحب اعلان بعبدا"، وليقينه أن وصول عون الى بعبدا سيؤدي الى تسونامي سياسي جديد قد يقضي على كل جهوده الانتخابية ويسلبه حتى "حيثيّته" العمشيتية.

4-بطرس حرب الذي لا يملك الا تحالفه مع "القوات اللبنانية" ليصل الى الندوة البرلمانية. وأي اتفاق بين عون وجعجع سيغيّر المعادلة البترونية ليتصدّرها وزير الخارجيّة جبران باسيل خصمه اللدود. ويقضي بالتالي على حلمه التاريخي بالوصول الى رئاسة الجمهورية.

وتتابع المصادر، أن الحلف اذاً ليس ضد رئيس الحكومة تمام سلام ولا يهدف الى تعطيل الحكومة وتكبيل عملها بل هو صوت صارخ في خضمّ الحوارات القائمة. وبحجّة الحرص على انتخاب رئيس وعدم الايحاء بأن الأمور تسير بشكل صحيح مع أو بدون رأس للسلطة تعمل الجبهة الجديدة. وقد يكون ما تقوم به هو آخر انجازاتها السياسية. فان صحّت الحوارات وأينعت نتائجها، ستفتقد الساحة السياسية في المستقبل الى أبرز وجوه هذه الجبهة، أما وان فشل الحوار المسيحيّ-المسيحيّ فستكون هذه الجبهة ضرورة لكل قطب من القطبين المسيحيين في الانتخابات المقبلة.

أما بعد فالمستفيد الاكبر من الحوار الجاري على الساحة المسيحيّة يبقى رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية الذي بوقوفه الى جانب النائب ميشال عون في السراء والضراء فرض نفسه حليفا وشريكا للقطبين الكبيرين وبات يشكّل مع عون وجعجع في حال نجاح الحوار ترويكا سياسية مسيحية.

أما الجميّل فسينهمك في حال نجاح الحوار المسيحي بحلّ الخلافات الحاصلة بين بين أهل البيت الواحد، وخصوصًا بين النائبين سامي ونديم الجميل، علّه يمنع بعد انهيار الحلم انهيار المنزل الكتائبي.