كعادته، عبّر النائب وليد جنبلاط على طريقته. أعطى تقويماً، كما يراه، لتجربة "الوسطية" مع الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي. بطريقة غير مباشرة، انتقد هذه التجربة لصحيفة "الشرق الأوسط"، رداً على سؤال عن تجربته للوسطية، وقال: "حاولت، وبقيت وحدي، صحيح أنه كان معنا ميشال سليمان وميقاتي لكن ميقاتي يلقي محاضرات بين هارفرد وأكسفورد، فيبدو أن الوسطية تمشي هناك. الرئيس سليمان أنشأ تكتلاً جديداً. لا أدري إن كان في الإمكان تسميته "تكتلاً وسطياً" أو "غير وسطي"، وأنا باقٍ وحدي في الوسطية، لا بد من وسيط".

ماذا قصد جنبلاط بهذا الكلام، وأنه بقي وحده في الوسطية؟

لا أحد ينكر أن كتلة جنبلاط كانت من أكثر الكتل التي دعمت الرئيس ميشال سليمان في عهده. يوم نهاية عهده مثلاً، اصطحب جنبلاط معه وفداً وزارياً ونيابياً وحزبياً ودرزياً كبيراً جداً الى منزل سليمان في عمشيت. وبالنسبة الى ميقاتي، دعم جنبلاط حكومته وبنى معه حلفاً متيناً حكومياً وسياسياً. تمايز الثلاثة عن تكتلي 8 و 14 آذار وعن الاصطفافات الكبيرة بينهما.

فهل هو تحوّل الآن في الموقف؟ يقول المسؤول الاعلامي في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس لـ"النهار" ان جنبلاط وصف الواقع السياسي "وفق فرز القوى السياسية كما حصل، وبعدما كانت ثمة مجموعة داخل مجلسي الوزراء والنواب، أصبح وحده في هذا الموقع. وإذا عدنا الى الوقائع التاريخية، نرى ان جنبلاط حاول توظيف موقفه الوسطي للحؤول دون وقوع الانفجار نتيجة سقوط معادلة س – س، ونتيجة قرار المحكمة الدولية الذي كاد يسبّب انفجاراً، كما انه جنّب البلد خضات أمنية نتيجة وجود كتلتين كبيرتين منقسمتين في المواقف ومتباعدتين جداً".

اذاً، موقف جنبلاط من الوسطية لم يتغيّر، وهو على حاله، في سبيل تحريك العجلة السياسية بين الاطراف السياسية، واحدى نتائج هذا الموقف الحوار القائم الآن بين "تيار المستقبل" و"حزب الله".

وبالنسبة الى مواقف سليمان وميقاتي، يقول الريّس ان سليمان يتخذ الخطوات السياسية التي يراها تناسبه وهو يقدّر ايجابياتها ووقعها على الوضع السياسي في البلد وله الحرية في التحرّك في الاطار السياسي الذي يراه مناسباً. وبصرف النظر عن توصيف المواقف من هذا الفريق أو ذاك، فكل شخصية سياسية لها مواقفها التي تعبّر عن موقعها".

والنتيجة، هذا هو وليد جنبلاط، يعبّر بطريقته الخاصة.

لكن ما رأي الطرفين الآخرين في موقف جنبلاط؟

مصدر مقرّب من سليمان أكد لـ"النهار" أن العلاقة بينه وبين جنبلاط "لا تزال متينة ووسطية، واذا كان هو وسطياً، فبالتأكيد الرئيس سليمان معه في هذه الوسطية. انما اللقاء الذي أنشىء، لم يُنشئه الرئيس سليمان ولا الرئيس الجميّل، بل الكلام على الآلية هو الذي أنشأ هذا التلاقي". ويضيف المصدر ان ما جمع هذه الشخصيات "هو طرح آلية جديدة غير دستورية، لأن الحكومة، ولو كانت تناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية، يجب أن تعمل بروحية تصريف الأعمال".

من جهتها، اكتفت مصادر ميقاتي بالتعليق على موقف جنبلاط، بالقول لـ"النهار" ان "من أول مقومات الوسطية القبول بالرأي والرأي الآخر".

فمن بقي مع من؟ وماذا بقي من الوسطية؟