حسناً ماذا أنتم فاعلون بعد خلافاتكم؟

هذا الكلام موجَّه إلى رئيس الحكومة وإلى الأربعة والعشرين رئيس جمهورية برتبة وزراء:

أربعةُ ملايين لبناني ينتظرون بتّ خلافاتكم.

الملفات بدورها تنتظر:

الموازنة تنتظر، الكهرباء تنتظر، العلاقة بين المستشفيات ووزارة الصحة تنتظر، والعلاقة بين المستشفيات والمرضى تنتظر، ساعات التقنين تنتظر، المولِّدات الكهربائية تنتظر، الأوضاع المزرية لمؤسسة كهرباء لبنان تنتظر.

يا سادة...

الحوض الرابع في مرفأ بيروت ينتظر، مسلخ بيروت ينتظر، سوق السمك ينتظر، المواد الغذائية غير المطابقة تنتظر.

بدورها، الملفات السياسية تنتظر:

أين إنتخابات رئاسة الجمهورية؟

أين القانون الجديد للإنتخابات؟

أين التعيينات؟

أين وأين وأين؟

إنها جمهورية الإنتظار بامتياز، إنتظار كلِّ شيء لأنَّ لا شيء جاهزاً أو ناضجاً. ولكن ماذا بعد؟

عاش لبنان على مدى أسبوعين شيئاً من الحركة بفضل وجود الرئيس سعد الحريري في لبنان، لكن هل يُعقَل أن لا تكون هناك حركة سياسية وغير سياسية إلا إذا كان الحريري موجوداً؟

أين رجالات الإدارة؟

أين الرأي العام؟

إنَّ الأمور لا يمكن أن تستمرَّ هكذا، غياب وغيبوبة وتغييب:

فالغياب هو في عدم حضور السلطات حيث يجب أن تحضر ولا سيما السلطة التنفيذية، والغيبوبة هي في إهمال الملفات الحيوية، والتغييب هو في القفز فوق مواد الدستور، ففي أيِّ جمهوريةٍ نعيش وسط هذا المثلث من الغيابات؟

ليست مرجلة ولا بطولة في أن تكون المعالجات بمعاقبة الناس، فرئيس الحكومة في شبه إعتكاف، فمَن المتضرِّر؟

فهل من متضرِّر غير الناس؟

وماذا ينفع الإعتكاف في هذه الحال؟

إنَّ الرئيس سلام محكومٌ بالعودة إلى مجلس الوزراء، شاء أم أبى، كما أنَّه محكوم بمكاشفة الرأي العام حول حقيقة ما يجري في مجلس الوزراء، ليقطع الطريق على كلِّ محاوِلي الإصطياد في الماء العكر، خصوصاً أنَّ محاولات المعالجات التي تجري تُفاقِم المشكلة بدلاً من أن تعالجها، فالإجتماعات الوزارية الفرعية التي تنعقد عند هذا الرئيس السابق أو ذاك، لا تُقدِّم أو تؤخِّر، بل تساهِم في زيادة الشرخ في البلد، فإذا كان المجتمعون حريصين كل هذا الحرص على البلد وعلى التفاهُم بين مكوِّناته، فليعمدوا إلى الضغط في اتجاه إجراء إنتخابات رئاسة الجمهورية، فعندها تُزال كل المشاكل المشكو منها وتصبح من التفاصيل بدلاً من أن تكون أساس كل شيء في يومياتنا.

في مطلق الأحوال، سواء تعدَّلت آلية جلسات مجلس الوزراء أم لم تتعدَّل فإنَّ هناك إستحقاقات حكومية لا بدَّ من معالجتها، وفي القريب العاجل. ومن أبرزها قضية إصدار سندات الخزينة وإقرارها، وقضية التمديد للمواقع الأمنية، فهذه قضايا لا تنتظر وتُحتِّم العودة إلى طاولة مجلس الوزراء سواء قرر الرئيس سلام الإستمرار في إطفاء محركاته أو إعادتها إلى العمل.