لا يمكن لاحد، من معارضي ​الجيش اللبناني​ قبل مؤيديه، الا يحترم ويعترف بالانجازات الميدانية التي يقوم بها الجيش رغم امكاناته المتواضعة، ويحقق بها ما عجزت عن تحقيقه جيوش العالم.

وكان لافتاً ما يقوم به الجيش في الآونة الاخيرة، حيث انتقل من مرحلة الى اخرى، فأصبح يأخذ المبادرة بيده ويقوم بالهجومات الاستباقية بدل ان يكتفي بالدفاع وبصد الهدمات الارهابية التي تقوم بها المنظمات الاجرامية. فما هو سبب هذا التغيير الذي بات يعتمده الجيش ويقوم به بنجاح؟

اسباب كثيرة يمكن تعدادها كفيلة بالاجابة على التساؤلات، ولكننا سنتوقف عند ابرزها:

- مع اقتراب انتهاء فصل الشتاء، باتت المنظمات الارهابية في وضع اصعب بعد قساوة الجنرال الابيض عليها والزامها بالبقاء ضمن بقع جغرافية محددة وسط صعوبة بالغة في تأمين مقومات العيش وتعزيز صمود اماكن تواجد عناصرها من الناحية اللوجستية. من هنا، بدات هذه المنظمات تعد العدة لتحركات توسعية من اجل كسب حرية اكبر في التحرك، وهو ما ادركه الجيش وقام بعمليات استباقية من اجل قطع اي طموح للارهابيين في تأمين راحة اكبر لهم.

- لم يكن كلام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله حول الخطر الموجود على الجبال والتلال والذي سيتصاعد مع ذوبان الثلج، لمجرد الكلام، بل هو استند الى معطيات ومعلومات يملكها من لبنان وسوريا تفيد باستعداد الارهابيين للقيام بعملية ما خلال فصل الربيع، وقد حذر من هذا الامر علناً، ودعا الدولة بشكل مباشر الى حزم امرها للتعامل مع الخطر الموجود على التلال والجبال.

وهذا بالفعل ما قامت به قيادة الجيش في الآونة الاخيرة حيث تقدمت خطوات مهمة من الناحية الميدانية لتضييق الخناق على الارهابيين.

- بات الجيش اكثر تحرراً في التحرك بعد ان فكت عنه قيود الجنود المخطوفين، حيث يبدو ان المسارين باتا منفصلين، وان الجهود التي تبذل على خط التفاوض نجحت في تخفيف الضغط على الجيش وعلى العسكريين في الميدان الذين لا شك يحملون معهم همّ زملائهم واخوتهم في السلاح الذين ينتظرون مصيرهم وهم مخطوفون.

- لا شك ان التنسيق بين ما يحصل في لبنان وما يحصل في سوريا موجود، بشكل علني او غير علني، بشكل رسمي او غير رسمي. ولا يمكن الركون الى الصدفة فقط في توقيت العمليات الهجومية التي تشهدها سوريا وتلك التي قام بها الجيش اللبناني اخيراً، كما انه لا شك ان هذا التنسيق هو بمثابة كارثة على الارهابيين الذين يجدون انفسهم بين كماشتين احلاهما مرّ.

- صحيح ان نوعية الاسلحة التي حصل عليها الجيش اضافة الى كميتها القليلة، ليست كفيلة بتغيير نتيجة المعارك. ولكن العسكريين اللبنانيين يعرفون تماماً كيفية الاستفادة من اي سلاح يحصلون عليه، مهما كان قديماً، فهم يحاربون اصلاً بالسلاح البسيط وباللحم الحي، ويعتبرون ان كل قطعة سلاح يحصلون عليها هي عنصر جديد يجب الاستفادة منه وتحويله الى سلاح فتاك بين ايديهم، وهذا ما يبرعون فيه. لذلك، تضاعفت قيمة الاسلحة بيد الحيش اللبناني، كما تضاعفت ايضاً فعاليتها.

ويكفي ان نتخيل ما يمكن ان يقوم به الجيش فيما لو حصل على اسلحة نوعية يستعملها جيوش العالم، لكان ربما حسم المعركة باكراً جداً وانهى اي تفكير للارهابيين في الانتشار.

- استفاد الجيش من الجو الاقليمي والدولي الذي امّن له غطاء سياسياً يحتاجه للقيام بعملياته العسكرية، وهو تمثل بالتصاريح الاعلامية من جهة، وبوصول بعض الاسلحة من جهة ثانية، بما يعبّر عن دعم لعمليات الجيش، وهو ما انعكس ايضاً بالترحيب الصادر عن دول اقليمية ودولية بما اسفرت عنه التحركات التي قام بها الجيش في ​رأس بعلبك​.

اقترب الربيع، واقتربت معه مسؤولية الدولة والجيش في مواجهة الخطر الدائم والمتجدد للمنظمات الارهابية، ولكن الثقة بالجيش تبقى بلا حدود في ظل بطولات عسكرييه من جهة، والتطورات المتسارعة التي تضيّق الخناق سياسياً وميدانياً على الارهابيين، حيث نطمح جميعاً الى ان يحمل انتهاء الشتاء معه نهاية التواجد الارهابي في لبنان.