بعد تعثر محاولات الاختراق التي يقوم بها المسلحون كل يوم تقريباً للسيطرة على مواقع عسكرية او التسلل الى القرى والبلدات البقاعية، وبعد العملية النوعية التي نفذها الجيش اللبناني بالهجوم المباغت والفجائي والاستباقي على مواقع الارهابيين، فان السؤال الذي يطرح نفسه ماذا يخطط «داعش» للمعركة اللبنانية وهل تؤدي زنقته على الحدود الى اللجوء الى خيارات اخرى بديلة عن المعركة المباشرة لتفجير الوضع في الداخل تنفيساً للأزمة «الداعشية» وانتكاسة المسلحين الذين يسعون لفك الحصار عنهم بداية الربيع؟

كل المؤشرات وموازين القوى حتى الآن تؤكد ان الجيش ومعه حزب الله هما الأقوى على الأرض والاثنان تمكنا من ردع «داعش» و«النصرة» لبنانياً وتسجيل انتصارات على الارهابيين وافشال مخططات كثيرة وسيناريوهات كانت تطمح لاستباحة الارض اللبنانية وإقامة الإمارة الموعودة سواء في عرسال او في طرابلس، ولعل العملية النوعية للجيش بعد العملية القاسية التي صد فيها الهجوم على تلة الحمرا باحتلال النقاط والمواقع الاستراتيجية التي كانت تحتلها داعش هي الحدث ونقطة الانطلاق في المعركة العسكرية، فكل المعلومات كانت تؤكد ان المسلحين يخططون لعمل امني كبير او لهجوم على القرى والبلدات البقاعية لفتح منافذ لهم بعد ذوبان الثلوج والسيطرة على مواقع الجيش لتصبح المواجهة مفتوحة ومباشرة مع حزب الله، خصوصاً ان المسلحين يقبعون وسط حصار محكم بين الجيش السوري من جهة وحزب الله والجيش من جهة اخرى.

فالمعركة اذاً اصبحت اكثر تعقيداً على المسلحين بحسب مصادر متابعة، الذين باتوا يشعرون بالاختناق في الجرود ويسعون الى الخروج منها والتمدد بمعركة مهما كانت نتائجها من اجل فك الحصار والطوق عنهم، وهذه الظروف المعقدة قد تجعل الارهابيين يعتمدون على طرق ووسائل اخرى موازية للعمل العسكري كما تقول المصادر، ومنها الضغط على ورقة العسكريين من جهة، وتفجير الوضع الداخلي بالعودة الى العمليات الانتحارية التي ثبت انها مكلفة وموجعة، وفي الشق الاول اي قضية العسكريين فان مسلحي النصرة وداعش قد يعمدون الى استغلال هذه النقطة بالذات بالتلويح بالعودة الى مسلسل الاعدامات او تصفية العسكريين المحتجزين لديها خصوصاً بعدما جرى ابتزاز الجانب اللبناني في هذه الورقة من خلال وقف التصفية والاعدام، وبعدما بان ان المسلحين يستخدمون هذه الورقة لتقطيع فصل الشتاء في الظروف المناخية الصعبة .

اما النقطة الاهم او المتنفس الآخر لأزمة المسلحين فهي في لجوئهم الى تفجير الوضع الداخلي اللبناني بالتزامن مع هجومات على المحاور البقاعية لتشتيت القدرات الدفاعية اللبنانية، بحسب ما تؤكده المصادر، وتصل الى الاجهزة الامنية تقارير خطيرة صارت في حوذتها عن مخططات لتفجيرات انتحارية في مناطق لم تشكل اهدافاً في السابق، ومن خلال محاولات تجنيد شباب لبنانيين لا يشتبه بانتمائهم لـ«داعش» وقادرين على الدخول الى مناطق معينة من دون ان تلحظهم العين الامنية، وقد قارب عدد الشباب المجندين في «داعش» الـ 400 شاب تقريباً من مختلف البيئات. وهذا عدا تواجد خلايا نائمة في مناطق مختلفة يمكن ان تستيقظ في اي وقت للتخريب ومساندة الارهابيين المرابضين على الحدود.

من هذا المنطلق تتحدث المصادر عن مخاوف كثيرة تتعلق بالمرحلة المقبلة مع التسليم بان الحدود في السلسة الشرقية تم ضبطها بالكامل بعدما تم تزويد المواقع العسكرية بالاسلحة والعتاد الذي يصلح للمواجهة مع المسلحين ومع النية بزيادة وتحسين نوعية الاجراءات الامنية في تلك المنطقة.