• ما هي العوامل المؤثّرة في انتصار الثورة الإسلامية واستمرارها، وما تأثيرها على المنطقة؟

ـ قبل ستة وثلاثين عاماً وفي مثل هذه ايام انتصرت الثورة اسلامية ايرانية على يد الشعب بقيادة امام الخميني (قده). وتمسّكت منذ بداية انتصارها بالمباني الهية القائمة على أساس حرية انسان وعزّته والمساواة بين المجتمعات البشرية، وأعلنت استقلالها وعدم تبعيتها للقوى الكبرى، وطالبت باعتراف بهذه اسس في المجتمع العالمي رسمياً واحترامها .

لكن بما أنّ سياسة الجمهورية هذه تنسجم مع سياسات التسلط للقوى الكبرى العالمية؛ لذا فإنّها منذ ايام اولى لبدء الثورة بدأت معارضتها وشنّ الحملات المختلفة على إيران، وسعت طوال 36 عاماً لدفع الشعب ايراني الى التخَلّي عن مطالبه وسعيه الى استقلال.

وتوسّل اعداء في البداية إستعمال حربة الزور واغتيال، فاغتالوا 17 ألف إيراني أبرزهم إغتيال رئيسي الجمهورية والوزراء ومسؤولي القضاء الكبار وأئمّة الجمعة والعلماء النوويّين. وكانت الخطوة التالية العدوان العسكري اميركي ضد نظام الجمهورية والمؤامرة التي خطّطت لها ونفّذتها الحكومة اميركية حينها وأُحبطت وهزمت شرّ هزيمة بعون الله تعالى بزوبعة جوّية. وجاءَت الخطوة الثالثة بتشجيع صدّام ودعمه لشنّ هجوم ضد الجمهورية طوال ثماني سنوات.

لذلك فإنّ تاريخ الثورة يشير الى أنّه رغم كلّ هذه الضغوط وااعتداءات فإنّ شعب إيران العظيم باعتماده على خالق البشَر وفي ظلّ القيادة الحكيمة للإمام الخميني (قده) وللإمام الخامنئي استمرّ في طريق المقاومة وحوّلَ التهديدات فرَصاً لتنمية إيران في المجات العلمية والتقنية المختلفة، وارتقى مكانةً ومنزلة عالمية وإقليمية سامية.

• ما رأكم بالملف النوَوي، وهل مِن اتّفاق وشيك في شأنه بين إيران والدوَل الغربية؟

ـ إنّ الديبلوماسية النووية ايرانية كانت تقوم دوماً على أساس الحوار وعلى أساس الندّية مع الدول الكبرى. وقد أجرَينا العام الماضي مفاوضات هي اكثر شفافية وصدقاً للوصول إلى الثقة المتبادلة في الموضوع النووي ايراني. ولم تكن المشاركة في هذه المفاوضات بسبَب التهديد والمقاطعة؛ بل كانت نابعة من إرادة الشعب ايراني، ذلك ننا نعتقد أنّ الحل الوحيد للموضوع النووي هو المفاوضات.

- أسُسنا هي الثقة المتبادلة، ورفع الإبهامات المتقابلة، والندّية، واحترام المتبادل والأصول المتّفق عليها دولياً.

- لقد أظهرت الحكومة ايرانية خلال العام الماضي ابتكارات في المفاوضات النووية، ما أوجَد فرصاً جديدة لحلّ الموضوع، وكان نتاجها المرحلي اتفاق جنيف. وإذا أبدت أطراف المفاوضات اخرى عزماً ومرونة فسنوفّق خلال المهلة المحددة بالتوصّل الى حلّ كامل لهذه القضية.

ـ إنّ الوصول الى اتفاق نووي شامل مع إيران يشكّل فرصة تاريخية للغرب يثبت فيها أنه ليس ضد تطوّر اخرين وتنميتهم و يمارس العنصرية في تنفيذ القرارات الدولية. هذا اتفاق يمكنه أن يحمل رسالة عالمية للأمن والسلام أيضًا، وهي أنّ طريق حلّ الخلافات هو التفاوض وليس النزاع والمقاطعة.

- إنّ مسار المفاوضات النووية في اشهر الماضية شهد أملاً وجدّية متبادلة. وإنّ أيّ تأخير في حصول اتفاق النهائي سيزيد من اضرار التي لن تكون علينا وحدنا؛ بل ستترك أثرها السلبي على إقتصاد سائر الشعوب وتجارتها، وتلقي بظلالها على الأمن والتنمية اقليمية.

ـ نأمل أن تصل المفاوضات الحالية إلى اتفاق نهائي إذا توافرَت الإرادة الصادقة لد الطرف الآخر. وإنّنا مصمّمون على استمرار في برنامجنا النوَوي السلمي والذي يضمن حقّنا في التخصيب داخل إيران، إضافةً إلى سائر حقوقنا النووية ضمن إطار القوانين الدولية.

- أكّد الجانب الإران تمسّکه بالتفاوض، وإنّ اطراف الغربية إذا كانت جدّية يمكن التوصّل الى توافقات في المرحلة النهائية والحَد من إطالة واستهلاك الملف النووي الزائد، ما يصعّب إمكانية التوصّل إلى اتفاق.

• حصلت تحوّت كثيرة في الساحة اللبنانية والساحتين الدولية واقليمية وطُرحَت آراء مختلفة حول دور إيران في هذه التحوّت، فما هو رأيكم في ذلك؟

ـ نعم، لقد شهدت منطقتنا، أي منطقة غرب آسيا، تحوّت وتحدّيات كبيرة تركت آثارَها على دول المنطقة، وطاوَلت النظام العالمي وسائر دوَل العالم أيضاً. كما أنّ الظروف اقليمية الحاليّة تشهد كلّ يوم، بل كلّ ساعة، تغييراً وتحوّلاً، لذلك فهي تتطلب منّا جميعاً المتابعة والرصد الدقيق للتحوّت والتحللات والقيام بالخطوات والنشاطات المناسبة.

ومِن الطبيعي أنّنا إذا لم نمتلك معلومات وإدراك صحيح لما يجري فإنّنا سنقع في الخطأ في خطواتنا اللاحقة ما يُبعدنا عن أهدافنا السامية المتمثلة بإقرار السلام واستقرار في المنطقة وتأمين الرفاه المعنوي والمادي لشعوب المنطقة.

لذلك فإنّني من خلال متابعتي لتصريحات بعض المسؤولين ممّن يسعون إلى تنظيم امور أرى أنّ تصريحاتهم تلك تتلاءَم مع التحوّت اخيرة في المنطقة، ومن واجبي تقديم بعض الملاحظات في هذا المجال:

ـ إنّني أشعر بأنّ بعض اطراف الذين ابتعدوا عن ساحة لبنان الداخلية لمدّة طويلة وكان لهم لحسن الحظ وجود أقرب الى امور زال لديهم تشويش في فهم بعض المسائل اقليمية المهمّة، وآمل أن تتحسّن رؤيتهم تلك من خلال حضورهم الميداني في الساحة ومشاهدة الوقائع بشكل مباشر. المتوقّع من أولئك أن يتروّوا في مواقفهم أكثر.

لقد شهدنا خلال السنوات اخيرة ظهورَ عدد كبير من ارهابيين المدجّجين بالسلاح من الداخل والخارج يمارسون أعمالاً وحشية لقيَت تنديداً عالمياً، ويتلقّون الدعم المالي من الخارج، وقد بدأت حركتهم تلك بذريعة المطالبة بالحقوق الديموقراطية، لكنّهم حشدوا الجيوش ضد حكومة قانونية وكبّدوا الشعب خسائر كبيرة في ارواح واموال وتحوّلوا ان أكبر خطر وتهديد إرهابي في العالم.

إنّ أحداث السنوات اربعة اخيرة أثبَتت أنّ حكومة تلك الدولة لو لم تواجه الحركات ارهابية تلك ستولى ارهابيون على دولتهم وقسّموها ومتدّت تلك النار إلى الدول المجاورة أيضاً، ولتكرّرت الفجائع البشرية تلك. ولو صمود لبنان بحكومته، وجشه ومقاومته في وجه ارهاب ما أدّى إلى دفع ذلك الخطر عن المنطقة، فأيّ عواقب مؤسفة كانت ستلحق بلبنان؟

إنّ ارهاب في العراق وسوريا أثبَت أنه يتحرّك بقسوة وبلا رحمة ضد البشرية وضد أتباع اديان كلّها من مسيحيين وإيزديين وآشوريين ومسلمين سُنّة وشيعة، وقد ملأ سجلّ تاريخه بالجرائم الفظيعة.

لذلك من المدهش والمحيّر أنّنا في لبنان نرى تلك الوقائع بأعينِنا ثمّ يقوم البعض بتوجيه الانتقاد ولئك الذين تحرّكوا بشجاعة وبطولة ومنَعوا بدمائهم تمدّد ارهاب، علماً أنّه لولا هذه التضحات في مواجهة «داعش» وسائر ارهابيين من يدري ما كان سيعانيه الشعب اللبناني الشقيق وما كانت عليه ظروفه.

فهل دفع هذا الخطر عن المواطنين اللبنانيين الذين يواجهون خطر ارهاب المنظّم عند الحدود الجنوبية والشرقة يتطلب مثل هذه المواقف؟ وإنّني أوجّه من هنا تحيّاتي وتقديري رواح جميع شهداء الجيش اللبناني والمقاومة، وأقدّر وأثني على جهودهم وتضحياتهم في سبيل حفظ امن والاستقرار في لبنان.

ومن الجدر هنا الإشارة إل أنّ فخامة رئس الجمهورة الدکتور حسن روحان کان قد تنبّأ مسبقاً بظهور مثل هذه التارات المتطرّفة عندما تحدّث عل منبر الأمم المتحدة عام 2013.

- حتى أولئك الذين كانوا حتى امس يعتبرون أنّ الرئيس بشّار اسد جزءٌ من المشكلة قد اعترفوا اليوم بأهمية دوره في مواجهة ارهاب وحفظ وحدة اراضي السورية، وتوقّفوا عن تكرار أخطائهم السابقة معتبرين أنّ الرئيس اسد جزء من طريق حلّ ازمة. ومنذ بداية ازمة السورية اعتبرَت الجمهورية اسلامية ايرانية أنّ الحلّ الوحيد هو الحلّ السياسي.

- إنّ استراتيجية الجمهورية اسلامية ايرانية منذ انتصار الثورة هي التأكيد والتشديد على أولوية العلاقة مع دوَل المنطقة والتعاون مع كلّ الدوَل من أجل تحكيم السلام واستقرار ونشرهما في المنطقة. ذلك نّ هذه الظروف تعود بالنفع على جميع الدول، وتنمية أيّ بلد تقوم على استقرار المنطقة.

لكن للأسف فإنّ البعض ينظر إلى المسائل من زاوية أخرى. وإنّ الرأي العام سيُصدر حكمَه على الدوَل والحكومات، ونعتقد أنّه يمكن، و ينبغي، التغاضي عن دور وفهم الرأي العام في تصريحاتنا وإبداء آرائنا.

وفي هذا المجال فإنّ دور وسائل اعلام مهمّ جداً، ولذلك ينبغي صوغ الرأي العام بطريقة صحيحة وصادقة. ولحُسن الحظ فإنّ أكثر وسائل اعلام في لبنان تدرك هذا الدور الخطير وتسعى من خلال مقاتها وأخبارها الصحيحة الى إطلاع الشعب اللبناني الشريف على آخر التحوّت والتجاذبات اقليمية.

ومن الطبيعي أن يقع بعض الذن تولّون مناصب رسمة في سوء الفهم والتحليل لدور الجمهورية اسلامية ايرانية في القضايا اقليمية والعالمية بسبب عدم اطّلاعهم على امور، أو لعدم حصولهم على الحقائق والوقائع الجارية ويعجزون عن تأمين حاجة الرأي العام.

- لعلّ بعض قلق أصدقائنا يعود الى إنجازات الجمهورية اسلامية ايرانية بعد انتصار الثورة. فالجميع يعلم أنّ امام الخميني (قده) طرح قبل انتصار الثورة نظرية وأفكاراً لقيَت تأييد الشعب ايراني ودعماً جدّياً، ما أدّى الى انتصار الثورة، ومع أنّ نظرية امام كانت عميقة إ أنّها كانت مفهومة لدى عامة الناس، وهو عموماً يعتقد أنّ الله تعالى قد جعلَ اسلام ديناً مرشداً إلى تكامل البشرية، وقد بيَّنَ كلّ حاجات الحياة المادية والمعنوية واقتصادية والسياسية والحكومية أيضاً. لذلك قدّم امام للش