من جديد اللاءات الثلاث تُطلُّ في لبنان من الباب العريض دستورياً وسياسياً:

لا رئاسة جمهورية.

لا مجلس وزراء يعمل.

لا مجلس نواب قادر على التشريع والمراقبة والمحاسبة بسبب تعطُّل ما سبق أعلاه.

ولأنَّ السلطة التنفيذية هي التي تُسيّر أمور الناس، فإنَّ التعطيل يبدو مؤثِّراً جداً لأنه يُلحق الضرر بالشؤون اليومية ولا سيَّما منها الحياتية والمعيشية، فللأسبوع الثالث على التوالي لا جلسة لمجلس الوزراء، فهل من آلية بديلة لتسيير شؤون الناس؟

***

في المدى المنظور، ووفق ما هو واضح، فإنَّه لا آلية بديلة عن مجلس الوزراء، ولأنه معطَّل فإنَّ البلد معطَّل حتى إشعارٍ آخر.

حين يكون الأمر متعلِّقاً برئاساتٍ ثلاث تعمل، فإنَّ تعطيل مجلس الوزراء لا يكون له تأثيرٌ كبير، ولكن حين تكون الحكومة وحدها هي القائمة فإنَّ أقلَّ عطلٍ فيها سيؤدي إلى شلل البلد ككل.

الإستحقاقات داهمة على كلِّ المستويات:

ففي الوقت الذي يتلهَّى فيه حكامنا بآليات تنفيذية لا طائل منها، نجد أنَّ المنطقة تزدحم بالتطورات المتسارعة، رئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري في السعودية بعد غدٍ الخميس، وتأتي زيارته غداة قمة سعودية - مصرية وغداة زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة أيضاً، وعشية الزيارة التقى في جنيف نظيره الروسي لبحث آخر تطورات الملف النووي الإيراني.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في محاولةٍ لتعطيل أي إتفاق محتمل بين إيران ودول المغرب.

الدول العربية تستعد بعد أسبوعين لعقد القمة الإقتصادية في شرم الشيخ والقمة العربية بعد أواخر هذا الشهر.

هذه عيِّنة من التطورات المستحقة فأين لبنان منها؟ وكيف يواجهها؟

هل تتمُّ المواجهة بهذه الإلهاءات التي إسمها آلية السلطة التنفيذية؟

***

لا ينفع التذرُّع بالظروف الإستثنائية للتقصير في القيام بالواجبات تجاه الناس، ففي كلِّ الدول العربية ظروف إستثنائية، لا بل في كلِّ دول العالم ظروف إستثنائية، فهل تعطَّلت أو تتعطَّل الكرة الأرضية؟

بالتأكيد لا، إذاً لماذا لبنان هو الإستثناء؟

إنَّ الجواب مطلوبٌ من رئيس الحكومة تمام سلام تحديداً وليس من أحد آخر، أن يُقرِّر أو يبادُر، ونقول إنَّه وحده مسؤول لأنَّ القرار في نهاية المطاف هو بين يديه، فالآخرون يقدمون النصح والإستشارات ولكن في نهاية المطاف فإن مَن يقرر هو رئيس الحكومة وليس أحدٌ سواه.

***

تأسيساً على كلِّ ما تقدَّم فإنَّ الكرة هي في ملعب الرئيس تمام سلام، عليه أن يُقدم قبل أن يكون مسؤولاً عن إنهيار ما تبقَّى من هيكل الدولة ومن هيكليتها.

إنَّ الحكم استباقٌ للأزمات لا إنتظارها للوقوع فيها، فيا دولة الرئيس: إستَبِقْ ولا تَنْتَظِرْ.