تتّجه الأنظار دائماً إلى مدينة صيدا، خاصة في المحطّات الصعبة والمفصلية، فيتجلّى موقف واضح وصريح معمّد بدماء الشهداء في سبيل تحصين الواقع في "عاصمة الجنوب" وتجسيد علاقتها الوطنية والقومية، بالنسبة لقضايا الكادحين ودفاعاً عن حقوق المظلومين، والتزاماً بالقضايا القومية، وفي مقدّمها قضية العرب المركزية، قضية فلسطين...

هي "عاصمة المقاومة"، النموذج الفريد على الساحة اللبنانية لما تمثّله من عيش طبيعي بين مكوّنات المدينة – على الرغم من الاختلاف والتباين في وجهات النظر السياسية – والعلاقة مع الجنوب المترسّخ رسوخاً ثابتاً، ومع شرقها بعيش تجسّد على مر عقود من الزمن، واحتضاناً لأبناء الشعب الفلسطيني في علاقات تعود إلى ما قبل نكبة العام 1948...

فصيدا قدّمت قوافل من الشهداء، وكانت لقيادتها أدوار مميّزة، وعندما يكون هناك مخطّط يهدف إلى الفتنة وزعزعة الأمن والاستقرار، يكون الاستهداف لأبناء صيدا، وهو ما ثبت على مر العقود الماضية، خاصة بدفع دم غالٍ باغتيال الرئيس رياض الصلح، مروراً بالمناضل معروف سعد، ووصولاً إلى الرئيس رفيق الحريري...

- الرئيس رياض رضا الصلح (مواليد 17 آب 1894)، اغتيل أثناء مغادرته العاصمة الأردنية – عمان، بتاريخ 16 تموز 1951، استهدافاً لدوره المحوري على صعيد لبنان والعالم العربي، وفي المقدّمة القضية الفلسطينية، حيث عمل على الوحدة والاستقلال العربيين، اللذين دفع حياته من أجل تحقيقهما.

- الرئيس رفيق بهاء الدين الحريري (مواليد 1 تشرين الثاني 1944)، اغتيل بتاريخ 14 شباط 2005 في العاصمة بيروت، بعدما تخطّى دوره حدود لبنان والمنطقة العربية ليصل إلى المستوى الدولي، وهو ما قلَّ نظيره من توافر هذا الوضع المميّز لشخصيته، حيث أعقب اغتياله زلزال في لبنان، وترك تداعيات على المنطقة بأسرها.

- المناضل معروف مصطفى سعد (مواليد العام 1910)، اغتيل بتاريخ 26 شباط 1975، حيث ارتبط بعلاقات مميّزة مع فلسطين، وناضل من أجلها قبل النكبة في العام 1948، والمشاركة في "معركة المالكية" الشهيرة، واستمر بالدفاع عن القضية الفلسطينية وقضايا الكادحين، واستُهدِفَ وهو على رأس تظاهرة للصيادين في صيدا ضد مشاريع شركة "بروتين" الاحتكارية.

هذا الاستهداف في تلك اللحظة، كان الشرارة الأولى لاندلاع الحرب العبثية في لبنان، والتي استمرّت 15 عاماً...

واختيار شخصية المناضل معروف سعد، لأنّها تؤدي إلى تنفيذ المخطّط بإشعال حرب في لبنان، وذلك ثمرة للمؤامرة التي تستهدف لبنان بما يمثّله من نموذج للتعايش، وضد "منظّمة التحرير الفلسطينية"، بعد اعتراف "القمة العربية" التي عُقِدَتْ في الرباط (عام 1974) بأنّ "منظّمة التحرير الفلسطينية الممثّل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني"، وهو ما أهّلها للدخول إلى "الأمم المتحدة"، حيث ألقى الرئيس ياسر عرفات كلمة أمام الجمعية العامة لـ "الأمم المتحدة" في نيويورك (13 تشرين الثاني 1974)، وانتزاع مقعد مراقب في "الأمم المتحدة"، فكان قرار الإدارة الأميركية تنفيذ مؤامرة ضد المنظّمة بهدف إلغاء قرار الاعتراف بها، وكان البحث عمَّنْ يحقّق باستهدافه صدى لبنانياً وفلسطينياً، فاختير المناضل معروف سعد - وإنْ تم التنفيذ بأدوات لبنانية داخلية...

بعد فشل إشعال نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، تم التركيز على إذكاء نار الفتنة المذهبية: السنية – الشيعية، والتي هي ثمرة من ثمار مؤامرة توقيع "اتفاقية كامب ديفيد" بين الرئيس المصري محمد أنور السادات والكيان الإسرائيلي (17 أيلول 1978)، والتي هدفت إلى إنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي، وتحويله إلى مذهبي: سني - شيعي، وهو ما نشاهد نتائجه الآن...

لقد أثبتت صيدا أنّ دماء قادتها الغالية تثمر وحدةً وتنسيقاً وتفاهماً على الثوابت، بما يحفظ الأمن والاستقرار في المدينة وعمقها المتمادي، بما في ذلك المخيّمات الفلسطينية...

ولأنّ صيدا دائماً في طليعة المبادرين نحو تعزيز الأمن والاستقرار ورفض الانسلاخ عن الجوار - على الرغم من الظواهر الشاذّة التي تبرز بين حين وآخر، وتضرُّ بمصلحة المدينة وعلاقاتها وآخرها ظاهرة الشيخ المتواري عن الأنظار أحمد الأسير - إلا أنّ صيدا تبقى رائدة في إثبات حرصها الوطني، والاستمرار بالتواصل بين قياداتها - على الرغم من التباينات السياسية - وهو ما تجسّد في أكثر من مكان ولقاء في مناسبات متعدّدة بين رئيسة "لجنة التربية والثقافة النيابية" شقيقة الشهيد الرئيس رفيق الحريري، النائب بهية الحريري وأمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد والعديد من فاعليات وقوى المدينة، والتي تجلّت بمشاركة سعد في افتتاح "أكاديمية القيادة والتواصل الخارجي – علا" بدعوة من "مؤسّسة الحريري للتنمية البشرية" (20 شباط 2015)، ثم مشاركة وفد يمثّل النائب الحريري و"تيار المستقبل" في مسيرة إحياء الذكرى الأربعين لاغتيال الشهيد معروف سعد...

هذا ما طرح جملة من التساؤلات حول إمكانية عقد لقاءات ثنائية بين النائب الحريري وسعد أو لقاءات أشمل؟ وأين يكون مكانها؟ وهل متاح الآن ذلك؟ وما هو مدى انعكاس حوار "تيار المستقبل" و"حزب الله" برعاية الرئيس نبيه بري على الساحة اللبنانية، ومنها صيدا والمخيّمات الفلسطينية؟

أسئلة طرحها "لـواء صيدا والجنوب" على عدد من الفاعليات الصيداوية...

المفتي سوسان

* مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان أكد أنّه "في ظل هذه الظروف الدقيقة والصعبة على كل الصعد، والتي تمر بها المنطقة العربية ولبنان منها، وصيدا جزء من هذا الوطن، على امتداد هذه المدينة جنوباً وشرقاً، يحرص أهلها من خلال تربيتهم وثقافتهم على وحدة صفّهم، وجمع كلمتهم عند المُلمّات، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي يعيشها لبنان، من خلال الشغور الذي ما زال مستمراً في منصب رئاسة الجمهورية، وانعكاس ذلك على كل المؤسّسات الدستورية ما يجعلها مُصابة بالشلل، رغم كل الجهود الذي يقوم بها الرئيس تمام سلام في رعاية هذا الوطن، وفي بذل الجهد من أجل أنْ تبقى الأمور تسير وفق النظام".

وشدّد على أنّ "صيدا، هذه المدينة الأكثر حرصاً على وفاقها الوطني، وعلى عيشها المشترك، وعلى الشراكة، وعلى مشروع الدولة، وأنْ تكون مع الشرعية ومع النظام، والوقوف إلى جانب الجيش اللبناني، ومع هذا الوطن في أمنه ووحدته في أرضه وشعبه ومؤسّساته، فكل المخلصين، الصادقين، العاملين، والحريصين على هذه المدينة وأهلها وسلامتها، استطاعوا أنْ يحقّقوا استقراراً سياسياً، ينعكس استقراراً أمنياً، رغم أنّه من الطبيعي أنْ تحصل في بعض الأحيان حادثة فردية هنا أو هناك، لكن لا يستطيع أي طرف أنْ يفرض رأيه على الآخر، وإنّما يحتفظ برأيه وموقفه، وهناك مساحات كبيرة للقاء تحت عنوان مصلحة المدينة، أمنها، استقرارها، ومشروع الدولة في المدينة، من خلال التواصل والحوار، أو المشاركة في هموم هذه المدينة والعمل من أجل أنْ تبقى آمنه مطمئنة في ظل هذه الظروف، قدر المستطاع".

وأوضح المفتي سوسان أنّ "هذا الأمر أخذ جهداً كبيراً وعملاً من قِبل أناس كثر، بعضهم بشكل علني وآخرون بالخفاء، من أجل الدفع باتجاه لقاءات في المدينة، في الفترة الأخيرة التقت قوى سياسية في ما بينها في مناسبات عدّة، ليس معنى هذا أنّها قد غيّرت من قناعاتها، وإنّما التقت جميعاً تحت راية الاستقرار السياسي والأمني في مدينة صيدا، وقد ترك الحوار ما بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" - وما يمثّله من أبعاد - أثراً إيجابياً في نفوس الناس، وخفّف كثيراً من الفتنة والعاملين على تغذية نعراتها لخلاف المسلمين في ما بينهم، وقد حرصت هذه المدينة على نبذ الفتنة المذهبية والطائفية، وعملت على وحدة اللبنانيين: مسلمين ومسيحيين، وعلى وحدة المسلمين: سنة وشيعة، ومن الطبيعي أنْ يكون لكل طرف وجهة نظر تقابلها وجهة نظر أخرى، لكن احترام الآخر واحترام رأيه والحوار معه تؤدي إلى النتائج الإيجابية، وتؤكد أنّ هذه المدينة على وطنيتها، والتزامها بالقيم الوطنية والإيمانية، التي تسعى إليها كل الأديان، ويعمل الجميع من أجل الحفاظ عليها، هذا مع التواصل شبه اليومي أو الأسبوعي مع الإخوة الفلسطينيين وإشعارهم بأنّنا معهم في خندق واحد، وأنّ عدوّنا هو الاحتلال الإسرائيلي، وأنّ أمنهم من أمننا، وأمننا من أمنهم، هذا التكامل والتكافل والتضامن، والشعور بأنّ هذه المدينة مع مخيّم عين الحلوة وغيره من المخيّمات، هي في خندق واحد، وأنّ عدوّها واحد، وأنّ هذا الحق الوطني بالعودة، هو حق مقدّس، وأنّ حق الإنسان الفلسطيني أيضاً بالعيش الكريم، هو حق مقدّس محفوظ، وهذا الشعور والعمل نقوم به باستمرار ولا ينتهي، وقد حقّق ذلك كثيراً من الأمن السياسي الذي انعكس على المدينة والجوار أمناً وحياة طبيعية، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن في دورة الحياة الاقتصادية، وغياب الخدمات، وفي مقدّمتها الكهرباء، وفي كل هذه الظروف استطاع المواطن أنْ يواجه بهذا الاستقرار الأمني المنعكس بالاستقرار السياسي، لتنتهي هذه الأمور على أحسن ما يرام".

وأشار إلى أنّ "صيدا بكل وفائها للوطن، وبكل قيمها وثوابتها ستبقى حريصة على قيم وعناوين رموزها ومواطنيها وشعبها الآمن المستقر، ونأمل أنْ يبقى هذا الأمن مستتبّاً في مدينة صيدا بجهد القوى الأمنية، والمخلصين الذين يعملون من أجل حياة مستقرّة في هذه المدينة.. منذ فترة كنت وما زلت أقول بأنّ اللقاءات الثنائية أفضل بكثير في هذه الظروف من اللقاءات الجماعية، حيث تتعدّد الآراء وتضيع الأفكار في اللقاءات الجماعية، أما في اللقاءات الثنائية فإن الأمور تبقى إيجابية وتُعطي نتائج أفضل، فإنّ دار الفتوى هي دار اللبنانيين والصيداويين، وهي دائماً مستعدة ومهيّأة لاستقبالهم فيها، وأنا أعلم بأنّ القيادات الصيداوية يلتقون ويتواصلون، وقد التقوا في أكثر من مناسبة، ويتحدّثون في ما بينها، وهم متّفقون في ما بينهم على الأمن السياسي والأمني في هذه المدينة، ونلاحظ أنّ وسائل الإعلام بدأت تنشر صوراً للقاءات بين قيادات صيداوية كان من الممكن ألا تُنشر، وكانت مشاركة "تيار المستقبل" في ذكرى الشهيد معروف سعد، رحمه الله، وهذا الأمر لم يحصل في الماضي، وكان الدكتور أسامة سعد قد شارك في افتتاح "الأكاديمية القيادية والتواصل الخارجي - علا"، وكان احتفال وطني جمع الكثير من الشخصيات، المتناقضة في ما بينها، ولكن بحثوا عن مساحات مشتركة في ظل هذه الظروف الصعبة، واتفقوا في ما بينهم على عدم الخلاف والفرقة".

وختم المفتي سوسان: "إنّني التقي مع القيادات الصيداوية، وأتحدث إليهم جميعاً، حيث أجد منهم كل الاستعداد للعمل من أجل مدينتهم ومصلحتها والحفاظ عليها، أعتقد بأنّهم عندما يتّفقون يتفرّغون للقضايا الكبيرة، من أجل إنماء المدينة والحفاظ عليها واستقرارها ومشاريعها الخدماتية، وأيضاً بلدية صيدا تقوم بواجباتها، والوضع في المدينة أفضل بكثير من أي مكان آخر في لبنان، ولهذا أسبابه من حرص المسؤولين فيها على اللقاء وعدم التنازع والخلاف، وعلى إيجاد مساحات من الاتفاق والوفاق في ما بينهم".

د. أسامة سعد

* أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور أسامة سعد أشار إلى أنّ "معظم القوى السياسية الموجودة في المدينة شاركت بمناسبة إحياء الذكرى الأربعين لاستشهاد المناضل معروف سعد، وهذا أمر إيجابي، والدعوة كانت عامة، وكل الأطراف مرحّب بها، وفي السابق كانت فاعليات "تيار المستقبل" تشارك بشكل شخصي في هذه المناسبة، وكانت دائماً مرحّب بها، وفي هذه السنة كان هناك تمثيل للنائب بهية الحريري وأيضاً لـ "تيار المستقبل"، وفي الخطاب السياسي لم يتغيّر شيء، لكن قد تكون هناك مناخات تهدئة في الواقع السياسي نتيجة المخاطر والتحديات، وهناك رغبة لدى معظم القوى السياسية بأنْ تكون هناك فائدة من مناخات التهدئة في هذه المرحلة".

واعتبر أنّ "الحوار الدائر بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" قد تكون له انعكاسات إيجابية على المستوى الوطني العام، خصوصاً لجهة تبريد الأجواء والاحتقان، ونتيجة أجواء التحريض والاستفزاز التي سادت في المرحلة الماضية، وهو أمر إيجابي، ولا نعوّل عليه كثيراً في معالجة أزمات البلد الحقيقية المرتبطة بحياة الناس ومعيشتهم، لأنّها لم تكن من ضمن البحث المنصب الآن على تهدئة الأجواء، وإذا كانت هناك رغبة من الأطراف الثلاثة في تطوير هذا الحوار ليطال مسائل أخرى من مداخل محدّدة، خصوصاً موضوع الإرهاب ومواجهته، من خلال ما حُكِيَ عن الاستراتيجية لمحاربته، كما حُكِيَ سابقاً عن استراتيجية لمواجهة العدو الصهيوني، والتي لم تبصر النور فإنّنا نأمل أنْ تبصر استراتيجية محاربة الإرهاب، النور هذه المرّة لحماية لبنان من خطر الإرهاب، وهي مسؤولية القوى السياسية الموجودة بالسلطة جميعاً، المسؤولة عن تأمين الأمن والاستقرار للشعب اللبناني، وهذا المدخل لوقف السياسات المرتبطة بالمحاصصات الطائفية والمذهبية الموجودة بالبلد، وتحصين البلد شعبياً ووطنياً، وأيضاً عبر الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وإعادة الحياة الحكومة ومجلس النوّاب، وأيضاً معالجة أزمات البلد على كل الصعد الخدماتية والمعيشية، وهي أزمات يعاني منها الشعب اللبناني بشكل كبير جداً، كل هذا مرتبط ببعضه البعض، ولا أعتقد بأنّ هذا الحوار سينتج معالجات لمثل هذه التحديات الكبيرة، التي تواجه لبنان، إذا لم يُعاد النظر بكل السياسات، لأنّ الحكومة الحالية والحكومات السابقة، لم تساهم في تحصين البلد في مواجهة هذه التحديات، ونحن في هذه المرحلة نراقب هل هذه القوى الموجودة في السلطة تتحمّل مسؤوليتها لجهة تحصين البلد في مواجهة المخاطر والتحديات؟، وإذا كان كذلك فيكون أمر إيجابي، ولكن حتى الآن لم نشاهده، فالجيش يقوم بمواجهات من غير أنْ تتوافر له إمكانيات وقدرات بالعتيد والعتاد، ومن دون أنْ تتوافر له الحماية السياسية الضرورية للقيام بواجباته، وهو يدفع أثماناً غالية، وبالتالي يُفترض على القوى السياسية الموجودة في السلطة أنْ تتحمّل مسؤوليتها في هذا الإطار، وحتى من غير المسموح أنْ ينسّق الجيش ميدانياً مع الجيش السوري، الذي يخوض ذات المعركة على الحدود اللبنانية".

وعن مسألة إمكانية الحوار بين "التنظيم الشعبي الناصري" و"تيار المستقبل" قال سعد: "أنا فرد، أنا أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري"، جزء من تيار وطني عريض، وهذا الموضوع لا أقرّره ولا أبتُّ فيه، وهذه المسألة لها آليات أخرى لدرس الموضوع، وإذا كان القصد تبريد الأجواء ووقف حملات التحريض والاستفزاز، فنحن لم نكن فيها، ولم نكن في يوم من الأيام سبباً لتحريض طائفي أو مذهبي أو مناطقي، ولم نكن نرفع شعارات تؤدي إلى توتير أو استفزاز، نحن لنا وجهة نظر ورأي نتمسّك بهما، ومستمرون بالنضال من أجل تحقيق ما نؤمن به من أهداف لإخراج لبنان من أزماته، وعلى رأس هذه الأهداف، هو إسقاط هذا النظام الطائفي والمذهبي الذي دفع اللبنانيون أثماناً غالية بسببه، ونحن لا ندفع بالأجواء إلى التوتير، بل على العكس كنّا دائماً نقوم بدور الإطفاء، وضد كل الطروحات التي تؤدي إلى التوتير، فليكفّوا عن توتير الشارع وتحريضه، وعن دفع الأمور باتجاه الصدام الداخلي، وليتابعوا قضايا الكهرباء والمياه، وتأمين فُرص العمل للشباب، والوضع المعيشي للشعب اللبناني، ومواجهة فساد الإدارة، والعمل على تثبيت أمن لبنان واستقراره، وهي مسؤولية الموجودين في السلطة والحكومة ومجلس النوّاب ومؤسّسات الدولة، فماذا فعلوا بهذه المواقع؟، وأين مسؤوليتهم بهذا الإطار؟".

وختم سعد: "هل المشكلة عند "التنظيم الشعبي الناصري"؟ نحن مساكين، نناضل بما لدينا من قدرات، وإمكانيات من أجل أنْ يكون لنا دور في حماية البلد، وحماية وحدته الوطنية وأمنه واستقراره ومعيشة أبنائه وكرامته، وهذا دورنا، وليس لدينا همٌّ آخر، وقلنا للقوى الموجودة في السلطة المشكلة عندكم، فليقوم كل بدوره ومسؤولياته".

د. ناصر حمود

* منسّق عام "تيار المستقبل" في صيدا والجنوب الدكتور ناصر حمود قال: "نحن في "تيار المستقبل"، تيار الشهيد رفيق الحريري، تيار الاعتدال، والانفتاح على الآخرين، ابتدأنا الحوار بين قيادتَيْ "حزب الله" و"تيار المستقبل"، أما في صيدا، وخصوصاً بعد حرب تموز 2006، فقد تواصلنا مع جميع الأفرقاء اللبنانية والفلسطينية من أجل:

- أولاً: حفظ أمن المخيّمات، خصوصاً مخيّم عين الحلوة.

- ثانياً: حفظ أمن صيدا، حتى على الصعيد السياسي والأمني، خصوصاً أيام الشيخ أحمد الأسير و"سرايا المقاومة"، حيث ظلَّ "تيار المستقبل" يتابع التواصل لحماية صيدا وأمنها".

وأشار إلى أنّه لذلك "كان الاتفاق الضمني مع الدكتور أسامة سعد للحفاظ على أمن المدينة، وأمن مخيّم عين الحلوة، والعمل على إنماء المدينة وإبعادها قدر المستطاع عن الملف الإقليمي والمحلي".

وأوضح الدكتور ناصر حمود أنّه "كانت فكرة المشاركة في إحياء الذكرى الأربعين لاستشهاد المناضل معروف سعد، حيث كانت مشاركتنا تأكيداً على دور صيدا المقاوِمة، التي قدّمت قافلة من الشهداء بينهم: رياض الصلح، معروف سعد، ورفيق الحريري".

د. بسّام حمود

* المسؤول السياسي لـ "الجماعة الإسلامية" في الجنوب الدكتور بسّام حمّود شدّد على أنّ "صيدا وفي عز الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان، شكّلت نموذجاً مغايراً من حيث حرص جميع القوى السياسية على أمنها واستقرارها وتنميتها، رغم التباينات السياسية واختلاف وجهات النظر في العديد من القضايا المصيرية".

وأضاف: "كنّا في الجماعة حريصين على تثبيت ذلك وتمتينه، تحت عنوان مصلحة صيدا وأبنائها، وذلك من خلال دعوة الجميع للقاء والحوار تحت أي مظلّة جامعة في صيدا... ولكن للأسف كان ذلك متعثّراً بسبب حدّة الاستقطاب السياسي، أما اليوم، وفي ظل أجواء الحوار الذي يجري في لبنان، وهو ما رحّبنا به ودعونا إلى تعميمه وتوسيعه ليشمل الجميع، انعكست هذه الأجواء على صيدا، ورأينا ترجمتها منذ ما قبل إحياء ذكرى الشهيد معروف سعد، وتوجّت بمشاركة وفد "تيار المستقبل" بالمسيرة".

وأبدى الدكتور بسّام حمود "الترحيب بأي حوار وأي تلاقٍ على مصلحة البلد والمواطن، ولكن على ألا يكون ذلك مجرّد لقاءٍ شكلي قد ينتهي عند أي هزّة سياسية، بل ندعو إلى حوار صيداوي فعلي وجوهري لمصلحة المدينة وأبنائها".

بسام كجك

* عضو المكتب السياسي لحركة "أمل" ومسؤولها في منطقة صيدا المهندس بسّام كجك رأى أنّه "في الوقت الذي تشتعل البلدان حول لبنان، أتى الحوار بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" تحت رعاية الرئيس نبيه بري ليمنع هذه النار من أنْ تمتد إلى الداخل اللبناني، في حين يحاول البعض تفريغ المؤسّسات في لبنان، من مجلس نيابي معطّل إلى حكومة معطّلة، حيث يأتي رجل الدولة، ويرعى هذا الحوار بين شريحتين من المجتمع اللبناني، من أجل إعطاء صورة رائعة عن الوحدة الوطنية، ومنع امتداد تسلّل الفتنة إلى لبنان وتحصين الالتفاف حول الجيش الذي يدافع عن حدوده الجنوبية ومنع تسلّل الفتنة من حدوده الشمالية مع سوريا".

وأشار إلى أنّ "دولاً كبرى قد تغيّرت حدودها، واجتاحتها الفتنة فأزالت حدود دول كبرى، وبقي لبنان عصياً على هذه الفتنة، بفعل الحوار الذي يرعاه الرئيس بري، والذي عمّت فوائده كل اللبنانيين وليس فقط الساحة الصيداوية أو الفلسطينية، حيت نشاهد أنّ مجموعة من اللبنانيين المتخاصمين قد وجدوا من الحوار متنفّساً لهم، فنرى المجموعات التي لا تتّفق في الرأي تجلس وتتفاوض في ما بينها، وتفتح حواراً جانبياً، وأيضاً منع أنْ تمتد الفتنة إلى داخل المخيّمات الفلسطينية، لأنّ الحوار الذي يرعاه الرئيس بري، يحصّن الأمن في المخيّمات، وخاصةً مخيّم عين الحلوة، وأيضاً يحصّن حق عودة اللاجئ الفلسطيني إلى دولته".

وأوضح أنّ "الجميع يعلم بأنّ الفتنة المذهبية تحاول أنْ يكون لها شركاء ومناصرون داخل النسيج اللبناني، وأيضاً النسيج الفلسطيني، وأعتقد بأنّ الحوار الذي يرعاه الرئيس بري يحمي كل لبنان ويساهم في تعزيز المناخات الإيجابية التي تسود كل لبنان والمخيّمات الفلسطينية".

وختم كجك: "أما في صيدا، فإنّه من الواضح الإيجابيات التي تعم المدينة، وما حصل في الآونة الأخير من تقارب واضح في الحوار بين "تيار المستقبل" و"التنظيم الشعبي الناصري"، وقد تجلّت نتائج ذلك في مشاركة "تيار المستقبل" في مسيرة الوفاء للشهيد الكبير معروف سعد، وهي المشاركة الأولى في هذه المسيرة".