أكد وزير الثقافة ​روني عريجي​ أنه لا يشعر بالندم مطلقاً على قبوله بالوزارة، مشيراً إلى أنه على العكس يشعر بالسرور على الرغم من كلّ الصعوبات ومن قلة الإمكانيات، إذ إنّها فتحت له آفاقا جديدة حيث تعرّف على أناس ومجالات لم يكن يعرفها سابقاً، فحياته وعمله كانا بعيدين عن ذلك.

وفي حديث صحافي، أوضح عريجي أنه كان يشاهد المسرح والسينما مثله مثل كل الناس، بيد أنه لم يعرف يوماً ما هي شجون ومشكلات العاملين في هذين القطاعين، كما غيرها من القطاعات الثقافية، وقال: "لم أكن أعرف مشكلات الإنتاج ولا معاناة الفنانين. مع الوزارة، دخلت إلى عالم ما وراء الكواليس، إلى عالم جديد مليء بالآثار والمتاحف والأدب والفن. لكن وبعيداً عن ذلك كله، تعرّفت إلى أناس رائعين يعملون في هذه المجالات كان عملي الأصلي يبعدني عنهم. التقيت بكثير من المثقفين، جلست معهم، تحدّثنا مطولاً، وأعتقد أن المرء يكسب الكثير حين يتعرّف إلى أشخاص مماثلين".

وأشار عريجي إلى أن الميزانية الممنوحة لوزارة الثقافة لا يمكنها أن تحقق الكثير فعلاً، ولفت إلى أنّ هذه الميزانية هي "لا شيء"، وشرح قائلاً: "ميزانيتنا 10 ملايين دولار سنوياً، ويصرف القسم الأكبر منها على الرواتب والصيانة والمخصّصات، وما يتبقى لنا من مال نصرفه على تشجيع الأعمال الثقافية ونشرها". واعتبر أنّ المشكلة الأساسية تكمن في أمرين: العدد الهزيل جداً من الموظفين، إضافة إلى مشكلة النقص بالبنى التحتية الثقافية. أما في الموضوع المالي، فكشف أنّ الوزارة تقوم في كثير من الأحيان بطلب المال من جمعيات ومتموّلين "وبصراحة، لم يرفض أحد بعد تمويل مشروع جدي له نص قانوني يضمن استمراريته".

ورأى عريجي أن الثقافة في لبنان بخير بمعنى وجود مثقفين ومبدعين وفنانين، لكنه لفت إلى أنّ "الثقافة ليست فقط في أن يجلس المرء وحده ليكتب في عرزاله، إذ يتطلب عصرنا أشياء أكثر من هذه"، وقال: "يلزمنا بنى تحتية مادية: يلزمنا مسرح كبير، ودار أوبرا ومتاحف متخصصة وأماكن لتعليم الناس وإقامة محترفات فنيّة. علينا إيجاد ذلك كله. يلزمنا أيضاً بنى تحتية قانونية أي مساعدة المثقفين والفنانين بقوانين وأنظمة – بالتأكيد لا أقصد تأطيرهم، لأن الثقافة لا تؤطر – ولكن لمساعدتهم. مثلاً هناك نشاطات ثقافية علينا إعفاؤها من الضرائب، علينا مساعدة المهن الفنيّة، لكي تنمو وتكبر". وأشار إلى أنّ هذه البنى غير موجودة في لبنان، والمفارقة أن العديد من دول المنطقة، لديها هذه البنى لكنها تفتقد الى العنصر البشري، "أما نحن فعلى العكس، نملك العنصر البشري ولا نملك هذه البنى. علينا فعلاً أن نبدأ بهذا الأمر وإلا فسنعاني في السنوات المقبلة من مشكلات كبيرة".

وفيما أكّد عريجي أنه في مرحلة القراءة الأخيرة لمرسوم قانون صندوق التعاضد للفنانين قبل الاتفاق النهائي عليه، أشار إلى أنه حوّل إلى مجلس النواب منذ شهرين، وبمساعدة وزير المالية، مشروع قانون يقضي إلى إعفاء شركات الإنتاج السينمائيّ المحلية من نصف الضريبة على أرباحها "كي نشجعها على الإنتاج في لبنان وعلى التصوير هنا".

وإذ شدّد عريجي على ضرورة إنشاء البنى التحتية الثقافية، لفت إلى أنه اجتمع قبل أيام مع عدد من أهل المسرح وفقاً لطلبه، "إذ خلال هذه الفترة التي قضيتها في الوزارة لم يأت إليّ أحد من أهل المسرح إلا السيدة نضال الأشقر التي كان لديها بعض المشاكل مع مسرحها وحاولت المساعدة قدر استطاعتي". وكشف أنه طلب منهم تقديم مشروع ليحاول المضي به.

وتحدّث عريجي عن ورشة قانونية كبيرة في الوزارة، وقال: "هذه وزارة للمثقفين لا وزارة على المثقفين. وكما قلت الثقافة لا تؤطر، ولكن علينا أن نسنّ قوانين كي تستقيم الأمور وكي تساعد".