لا تحمل خطة الموفد الأممي إلى سورية ستيفان ديمستورا في شأن تجميد القتال في مدينة "حلب" بُعداً سياسياً، فهي محض تقنية، وأشبه بأن تكون "هدنة موقتة"، لا سيما أنها محددة بستة أسابيع، وتهدف إلى وقف إطلاق النار، ثم إدخال المعونات إلى "المناطق الساخنة"، من دون أن يكون لها وقع سياسي، وكذلك لن تغيّر في الواقع الميداني شيئاً، ما يقلل من فرص نجاحها، رغم أنها تعكس جواً إيجابياً من داخل أروقة الأمم المتحدة، لكنها في الوقت عينه تفتقد إلى الضغط الدولي اللازم لتطبيقها، بحسب مصادر سياسية سورية متابعة.

لا ريب أن لديمستورا باعاً طويلاً في مجال الإغاثة الدولية، خصوصاً أنه عمل سابقاً في المنظمة الدولية في الصومال والبلقان والشرق الأوسط، ولديه تصميم على نجاح خطته، ولو جزئياً، أي إيصال المساعدات الإنسانية إلى "الأحياء الحلبية" المحاصرة، لكن تسأل المصادر: هل يمون على مختلف الفصائل المسلحة المنتشرة في "الشهباء"، بمن فيها متفرعات تنظيم "القاعدة"، "كجبهة النصرة" وسواها؟ لا سيما أن المعابر إلى الأحياء المذكورة آنفاً متداخلة، وكذلك الجماعات المسلحة متشعبة الولاءات، وبالتالي ليس لها رأس، وبالتالي هناك صعوبة في أن يصدر عنها قرار موحَّد يمكن للمبعوث الدولي أن يبني عليه ليأخذ خطته إلى حيّز التنفيذ، حتى لو وافق "الائتلاف المعارض" عليها، لأنه لن يؤثر في قرار كل هذه "الجماعات".

أما في الشق المتعلق بالإدارة السورية لإنجاح "الخطة"، فتؤكد المصادر أن لدى الدولة حرصاً كبيراً على وقف النزف على كامل التراب السوري، لكنها حتماً لن تقبل بأن يكون للمسلحين "إدارةً ذاتية" في مناطق انتشارها، وفقاً لما ورد في "الخطة"، لأن القيادة في دمشق لن تسمح بنشوء أي "كانتون" على أراضيها؛ من الشمال إلى الجنوب.

وتلفت المصادر إلى أن الأولوية لدى السلطة هو تجميد القتال في حيي "صلاح الدين" و"سيف الدولة"؛ الأكثر اكتظاظاً، حفاظاً على أرواح المدنيين، لاسيما أن الحي الأول هو المصدر الأساس لاستهداف المناطق الآمنة في "حلب" أيضاً، معتبرةً أن لقاء الموفد بوزير الخارجية السورية وليد المعلم هو "لاختبار نيات الحكومة السورية في شأن إنجاح الخطة".

وعن إمكان تكرار "تجربة حمص" في "الشهباء"، وبالتالي خروج المسلحين منها، تشير المصادر إلى أن الوضع مختلف بين المدينتين، لأن مسلحي الأحياء القديمة في الأولى كانوا منضوين تحت لواء "كتيبة الفاروق" التابعة لـ"الجيش الحر"، وتم التوافق على انسحابهم إلى منطقتي "الحولة" و"حي الوعر"، ثم التحقوا بـ"النصرة"، وهذا الوضع لن ينسحب على عاصمة سورية الاقتصادية، بسبب تعدد التشكيلات المسلحة الموجودة فيها.

وعن فرص نجاح عقد مصالحات على غرار ما جرى في منطقة "المعضمية" في "ريف دمشق"، أي تسليم السلاح للدولة، وإسناد مهمة حماية المنطقة إلى المسلحين الموجودين فيها، تستبعد المصادر ذلك، لأن المصالحة تعيد إلى "الأحياء" الحلبية بعض مؤسسات الدولة، كالدفاع المدني والشرطة وما إلى ذلك، ما يسهم في خروج تركيا من حلب، وقد يُخرجها من أي عملية تفاوض، الأمر الذي لن تقبل به أنقرة، وستبذل كل ما في وسعها لإفشاله.