أخيراً ألقى رئيس الوزراء الاسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​ كلمته امام الكونغرس الاميركي التي لم تصل إلى مستوى الضّجيج الإعلامي الّذي عملت عليه الخارجية الإسرائيلية للضغط على الشارع الاسرائيلي وعلى الدبلوماسية الاميركية على حدٍّ سواء. فصرّح الرئيس الاميركي باراك اوباما - الذي لم يكن مقتنعاً بأصل إلقاء كلمة امام الكونغرس - بعد كلام نتانياهو بدقائق أنّه لم يشاهد خطاب الأخير؛ وأنّه لم يجد فيه أيّ جديد على صعيد الحلول لبرنامج ​إيران​ النووي، رأت الخارجية الإيرانية ان كلام نتانياهو مُملّ وهو دليلٌ واضحٌ على الضعف والعزلة الشديدين، مجبرةً الإدارة الأميركية على الاعتراف بأنّ الاتفاقية التي يجري التفاوض عليها مع ايران هي الأهم والأفضل.

تأتي صلابة الموقف الإيراني من ان طهران استطاعت ان تحارب على الصعيدين السياسي والعسكري فيما إسرائيل ما زالت لا تستطيع اللجوء الى ارض الميدان خشية تسوية تل أبيب بالأرض كما قال قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في اختتام مناورات الرسول الأعظم 9 التي تعد أضخم مناورة عسكرية لدولة مناهضة للسياسة الأميركية ولدولة تصرّح جهارا بعدائها الواضح لإسرائيل.

وكان قد غمز "حزب الله" بالرد العنيف الذي قام به مؤخراً بعملية مزارع شبعا على الهجوم الإسرائيلي في القنيطرة السورية بان الجبهة الجنوبية اللبنانية السورية واحدة موحدة في حال اقدمت إسرائيل على أيّ حماقة.

كما واستطاعت إيران ان توصل رسائل واضحة لإسرائيل عبر الحسم العسكري الذي شهدته حدود سوريا الجنوبية -إسرائيل الشمالية- على محور درعا القنيطرة من كسر للحزام الإسرائيلي وجبهة النصرة، وقد ترجمها وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون بقوله ان إيران أصبحت على حدود بلاده الشمالية من الناقورة في جنوب لبنان الى حدود الاْردن في الجنوب السوري.

وفي الوقت الذي كان يلقي نتانياهو كلمته امام الكونغرس في الولايات المتحدة الأميركية كان الجيش العراقي يتقدم وبحضور إيراني عسكري رفيع المستوى متمثّل بحضور قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني في تكريت وصلاح الدين وسامراء بوجه تنظيم "داعش" والذي بدا واضحا ان اي اتفاق إيراني غربي لن يدخل حيّز التنفيذ بوجود هذا التنظيم في المنطقة.

وقد كشفت مصادر مطلعة لـ"النشرة" ان القوات المتحالفة في سوريا أوقفت الهجوم في محور درعا القنيطرة بضعة ايام على ان يُستأنف بالهجوم خلال الايام القليلة المقبلة بعد استكمال أهداف الهجوم الاول بالسيطرة على حوالي عشر قرى بين ريف درعا والقنيطرة بالكامل؛ وبذلك يكون قد تم تأمين اوتوستراد درعا دمشق وفصل المحور الجنوبي عن محور الغوطة الغربية-داريا؛ والسيطرة على رقعة جغرافية تصل الى حدود العشرة كيلومترات فاصلة بين ريفي درعا والقنيطرة؛ ومن ضمن المناطق المستعادة تلال فاطمة ومرعي الاستراتيجيتين اللتين تؤمّنان السيطرة بالنار على عشرات الكيلومترات والقرى في المنطقة الجنوبية. كما وشددت هذه المصادر على ان ما حصل في الهجوم الاول من انتصارات وتقدّم لن يكون آخرها في المحور الجنوبي بل ان العملية لن تتوقف حتى تحرير كامل المحور من ارهابيي "النصرة". وبانتهاء هذه العملية تسقط الغوطة الغربية وداريا بايدي الجيش السوري لتأمين العاصمة دمشق والتقدّم باتجاه الحدود السوريّة الاسرائيليّة-الجبهة الّتي بقيت هامدة منذ عقود.

فيصبح محور الممانعة على حدود اسرائيل الشمالية من الناقورة على الساحل الجنوبي اللبناني الى كفر شمس في القنيطرة بكامل الجهوزية العسكرية مما قد يجبر اسرائيل على تضييق خياراتها العسكريّة وتشويش عملياتها السياسيّة.

وبهذا يكون نتانياهو قد استهلك كل اوراقه الدبلوماسية والسياسية فاشلاً بزعزعة الموقف الاميركي، وناجحا في ترسيخ قوة الموقف الايراني الذي سيزداد زخمه في الجبهة الباردة المفتوحة مع "حزب الله" والجبهة المشتعلة في الجنوب السوري وعلى الاراضي العراقية.

في الخلاصة، هل ستتجه الحكومة الإسرائيلية للخيار العسكري ضد إيران وحلفائها قبيل انتخاباتها المرتقبة؟ تبقى الايام الفاصلة بين الخطاب والانتخابات وما ستحمله معها من احداث متتالية وخصوصا على الساحة السورية خير جواب على ذلك.