هي المرة الاولى التي يشارك فيها لبنان على مستوى وزير الخارجية في اعمال مجلس حقوق الانسان، الذي عقد اجتماعاً منذ تأسيسه عام . قدم باسيل تعهدات لافتة امام المجلس تتعلق بتحسين آليات العمل الحكومية، والاستحقاق الابرز لتبيان جدية هذه التعهدات سيكون في تشرين الثاني المقبل

بسام القنطار

وزير الخارجية جبران باسيل في مجلس حقوق الانسان. في الشكل هذه المشاركة هي الاولى لوزير خارجية لبناني في اعمال الدورة الـ للمجلس الذي تأسس عام . يتجاهل لبنان هذا المجلس الذي بدأ يكتسب اهمية كبرى على المستوى الدبلوماسي، وبرغم انه عقد دورة استثنائية خاصة ناقش فيها العدوان الاسرائيلي على لبنان عام ، إلا ان اياً من وزراء الخارجية المتعاقبين لم تطأ قدماه قاعة المجلس في المقر الاوروبي للأمم المتحدة في جنيف. كذلك لم يبادر لبنان الى الترشح لعضوية هذا المجلس، الذي تمثله اليوم على مستوى الدول العربية المملكة العربية السعودية !

كذلك تجاهلت وزارة الخارجية عام المشاركة على مستوى وزاري في اعمال المراجعة الدورية الشاملة لسجل لبنان في حقوق الانسان، برغم ان هذا التقويم كان الاول من نوعه، الذي يجريه مجلس حقوق الانسان كل خمس سنوات، ولبنان على موعد مع جلسة التقويم الثانية في تشرين الثاني المقبل. تضمنت كلمة الوزير باسيل، الذي تحدث في الجزء الرفيع المستوى من اعمال المجلس اول من امس، تعهدين بالغي الاهمية. التعهد الاول الذي قدمه باسيل يتعلق باقتراح سيقدمه الى مجلس الوزراء، يقضي بتأليف لجنة وطنية تكون مكلفة اعداد كافة التقارير الدورية المترتبة على لبنان بموجب اتفاقيات حقوق الانسان، وذلك على نحو منهجي ودوري. اما التعهد الثاني، فيتعلق باستحداث ادارة متخصصة بحقوق الانسان في وزارة الخارجية والمغتربين، وهي خطوة سبقتنا اليها غالبية الدول التي باتت فيها دوائر حقوق الانسان في وزارة الخارجية دائرة كبرى، يرتبط عملها ببقية الدوائر المعنية في مختلف الوزارات، وهي تمثّل عصب العمل الاداري والدبلوماسي لمختلف الملفات المرتبطة بالمعاهدات الدولية ذات الصلة، وضابط ارتباط مع البعثات الدبلوماسية لدى الامم المتحدة في نيويورك وجنيف. ومن المعلوم ان لبنان متأخر عن تقديم التقارير الدورية بموجب التزاماته الدولية الواردة في المعاهدات، المثال الصارخ في هذا المجال يتعلق بتأخر لبنان سنة عن تقديم تقريره الدوري الى المعهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية! واللائحة تطول لتشمل اتفاقية حقوق الطفل ومناهضة التعذيب وغيرها من الاتفاقيات. كما اعلن باسيل في كلمته ان لبنان قطع شوطاً كبيراً في عملية اعداد التقرير الدوري الثاني للاستعراض الدوري الشامل، وفي العملية التشاورية التي يجريها على المستوى الوطني لانجاز هذا الاستحقاق. واعاد تأكيد الدعوة المفتوحة التي وجهها لبنان الى حاملي الولايات للاجراءات الخاص، في اذار ، مؤكداً ترحيب لبنان برغبة المقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد الذي سيزور لبنان في اواخر شهر اذار الجاري، وتسهيل مهمته في هذا الصدد. ويعد توجيه الدولة دعوة مفتوحة للمقررين الخاصين الذين عيّنتهم الامم المتحدة لزيارتها دون الحصول على اذن مسبق، اشارة ايجابية ترفع من مكانة الدولة في سجل حقوق الانسان، ولقد سبق ان زار لبنان عدد من المقررين الخاصين، بينهم المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء، المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء، أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، المقررة الخاصة المعنية بمسألة الاتجار بالأشخاص، ولا سيما النساء والأطفال، والمقررة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة. تمثّل الترجمة العملية لتعهدات الوزير باسيل، اداء وزارة الخارجية في الاشهر المقبلة التي تسبق استحقاق مثول لبنان امام المراجعة الدورية الشاملة، وخصوصاً لجهة التشاور في اعداد التقرير الرسمي اللبناني المفترض ان يقدم خلال الاشهر المقبل. ويخضع لبنان للدورة الثانية من الاستعراض الدوري الشامل يوم 2 تشرين الثاني 2015. وقد مثّلّت منظمات المجتمع المدني تحالفات متعددة لهذه الغاية، وذلك لتقديم تقارير "ذوي المصلحة" الى مجلس حقوق الانسان في جنيف، فيما يُفترض بالحكومة اللبنانية ارسال التقرير الوطني خلال شهر حزيران، علماً ان المهلة القصوى لمنظمات المجتمع المدني لإرسال تقاريرها تُصادف يوم 23 آذار الجاري. ومع اقتراب هذه المهلة من الانقضاء، علمت "الاخبار" ان عددا من المنظمات غير الحكومية قد قاربت من الانتهاء من صياغة مسودات التقارير المشتركة غير الحكومية، وتنظم شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، بدعم من مؤسسة فريدرش إيبرت وسيفيكوس ومعهد جنيف لحقوق الانسان، لقاءً تشاورياً وطنياً لمنظمات المجتمع المدني في لبنان حول "الاستعراض الدوري الشامل"، الذي يُعقد يوم الخميس 12 آذار 2015 الجاري في بيروت. في المقابل لم تبادر وزارة الخارجية اللبنانية الى اجراء حلقة تشاورية وطنية بالشراكة بين القطاعين العام والاهلي لمناقشة مسودة التقرير الحكومي، كما انها لم تبادر الى اطلاق موقع الكتروني تفاعلي وفق ما توصي به الامم المتحدة، لاطلاع الجمهور على الاستعدادات المتعلقة بالمراجعة الدورية الشاملة وتلقي الاقتراحات التي يمكن ان تقدم حول هذه المسألة. وقد مثّلت الفترة الممتدة من تاريخ تبني التوصيات (عام 2011) حتى الاستعراض الثاني (عام 2015) فترة كان من المفترض بالحكومة اللبنانية ومنظمات المجتمع المدني متابعة تنفيذ التوصيات والعمل على معالجة التعديات والقصور المتصلة بحماية وضمان والاقرار بحقوق الانسان في لبنان، لكن لم تسجل مبادرة جدية في هذا المجال طيلة السنوات الاربع الماضية. يعد توجيه لبنان دعوة مفتوحة إلى المقررين الخاصين الذين تعيّنهم الأمم المتحدة إشارة ايجابية تعهد باسيل استحداث إدارة متخصصة بحقوق الإنسان في وزارة الخارجية والمغتربين