ذكرت "الاخبار" ان حضور الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا، على هامش مؤتمري مجلس حقوق الانسان و"دعم حقوق المسيحيين في الشرق الاوسط"، اتاح استكشاف جوانب من مهمته لوقف الحرب السورية، والاصغاء الى انطباعاته عنها.

وفي لقائه مع وزير الخارجية ​جبران باسيل​، حرص الدبلوماسي الدولي على سؤال باسيل عن التجربة اللبنانية، وشروط التسوية السياسية التي انهت الحرب اللبنانية، فعقب محدثه بالحاجة الى ما سمّاه "ارادة دولية" فرضت مناخات حل التقى عليه الافرقاء المحليون. قاد رضى اميركي ــــ سعودي ــــ سوري الى اتفاق الطائف. ثم قال: ما تحتاج اليه سوريا هو المحطة الاولى لقطار التسوية. تفاهم ايراني ــــ سعودي على انهاء الحرب واطلاق الحل السياسي.

على ان باسيل ابرز ملاحظتين مقابلتين: اولى، ان احدا من فريقي الحرب لن يُنهك يوما ما دام يخوض حربا مصيرية بالنسبة اليه، وخصوصا العلويين. كذلك الدول الضالعة في الحرب السورية، لن توقف تدخلها ومدّها اياها بالسلاح والمال والمسلحين قبل بلوغها اهدافها المتناقضة. وثانية، ان من غير المؤكد ان حلب هي المكان الملائم لاطلاق حل امني جزئي بسبب تواصلها مع تركيا اذ تخوض هذه علنا حرب اسقاط نظام الاسد. وهي حال درعا مع الاردن، والقنيطرة مع اسرائيل. ما دامت ثمة خطوط خلفية مفتوحة تختبىء وراءها تدخلات دول الجوار، سيكون من المستحيل توقع مؤازرة الدول تلك اي حل امني لا يطابق مصالحها. اذ ذاك اقترح باسيل الزبداني مكانا مناسبا ذا صدقية لانجاح الحل الامني لدوافع شتى: قربه من دمشق كأحد مناطق ريفها ما يضفي على المحاولة رمزية ذات مغزى، تماسه مع الحدود الشرقية للبنان ما يسهّل تهدئتها والحدّ من موجة النزوح بتوفير ملاذ آمن للنازحين يبرر انتقالهم اليها، ابعاد التنظيمات الارهابية عن الحدود اللبنانية واستعادة لبنان استقراره.

واشارت الى ان ملاحظات دي ميستورا على مهمته بدت خليطا من التفاؤل والتشاؤم. منها اعترافه امام محدثيه بأن المرحلة الحالية من وساطته تقضي بـ"امرار الوقت" ما امكن، قائلا انه يسعى الى "املاء هذا الوقت بانجاز امني داخلي ما" في انتظار التسوية الاقليمية والدولية للحرب السورية. كما ميز بين موقف الرئيس السوري بشار الاسد ومعارضيه بعدما لمس تأييد الرئيس السوري لخطته وقف النار في حلب، فيما رفضتها المعارضة. ولفت الى ان الاسد يستمد قوته من كونه المحاور الوحيد في نظامه، الامر الذي يفتقده دي ميستورا في المعارضة المشتتة على اكثر من طرف داخلي وخارجي، ما يتعذر معه توصلها الى موقف محدد.

كما عوّل ديمستورا على عامل الوقت الكفيل، في رأيه، بايصال المتقاتلين من الطرفين الى حال انهاك كامل، يرغمهم في خاتمة المطاف على الذهاب الى تسوية سياسية. موقف كهذا سبق ان ردده دي ميستورا على مسامع محدثيه اكثر من مرة، في اكثر من مناسبة ومكان، مؤكدا ان الطرفين لن يسعهما الاستمرار في الحرب الى ما لا نهاية.

ويعكس الدبلوماسي الدولي اصرارا على المضي في مهمته ومثابرة لا تتعب، مبديا انطباعا مغايرا عن سلفيه كوفي انان والاخضر الابراهيمي اللذين ادخلا اليأس باكرا الى جهودهما، ما حملهما على التنحي. يتكل دي ميستورا على طول اناته والمامه بأحوال المنطقة، ما يجعله يستبعد تماماً فكرة التسليم بعجزه والاستقالة. يعلق آمالاً رئيسية على الاتفاق الايراني ــــ الغربي، ويقول انه واقع حتماً، وينظر اليه على انه "مفتاح استقرار المنطقة" وان تطلب بعض الوقت. اتفاق كهذا، في تقديره، يشق امامه الطريق الى التسوية السياسية الحتمية للحرب السورية. يبيّن لمحدثيه صبره ومقدرته على استيعاب الانتقادات الموجهة اليه من حين الى آخر.

واشارت الى ان لديه تصوّر واضح حيال عقبات تحوط بمهمته، ابرزها يقينه من ان لا استراتيجية اميركية واضحة لسوريا، وكذلك الغرب، ويستشهد باعلان واشنطن أن دعمها تدريب مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة يمتد في مرحلة اولى الى سنتين ويشمل خمسة الآف مقاتل. ما يشير في اعتقاد الدبلوماسي الدولي الى ان لا حلول شاملة وشيكة، وواسعة النطاق في مدى قريب. قاده ذلك الى التفكير بحلول جزئية او في احسن الاحوال، مقسّطة، ذات طابع امني بغية احداث اختراق في حرب لا تزال مستمرة منذ عام 2011 من دون هدنة او وقف للنار حتى، الى هذا اليوم. عجز عنه سلفاه، ويحاول بدوره البحث عن المكان الملائم لما يسميه دي ميستورا انجازا امنيا. في ظنه ان حلب هي المكان الملائم نظرا الى تمثيلها تجمعا سكانيا كبيرا اجتماعيا ودينيا واقتصاديا، ناهيك بكونها العاصمة الثانية للبلاد، ويتيح نجاحها الانتقال الى تعميمها في اماكن مختلفة بغية ترسيخ هدنة طويلة الامد. في السياق نفسه كشف لمحدثيه انه ارسل فريق استطلاع دوليا الى المدينة الثانية لتقدير مدى انجاح خطة وقف النار من مكان ما فيها، وان صغيرا.