أبلغ احد السفراء الاوروبيين مرجعاً لبنانياً ان المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة قريباً، وان بشائرها بدأت تظهر مؤخراً، ولم يكشف عن تفاصيل هذه القراءة، لكنه ربط هذا التطور بأمرين: الاتفاق النووي الاميركي - الايراني، ومسار الحرب الجارية ضد تنظيم «داعش» الارهابي في العراق وسوريا.

ومما لا شك فيه انه ستكون هناك داعيات على المنطقة بأسرها اذا وقّع هذا الاتفاق، واذا لم يوقع ستكون التداعيات اكبر، كما عبر الرئيس بري امام النواب في لقاء الاربعاء الاسبوعي.

ويبدو واضحا ان ادارة الرئيس الاميركي اوباما تواجه ضغوطا داخلية وخارحية شديدة لحملها على عدم توقيع الاتفاق، وهذا ما يظهر من خلال تصريحات وزير الخارجية جون كيري بعد جولة المفاوضات الاخيرة مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف.

ويقول مصدر دبلوماسي مطلع ان المعطيات المتوافرة تشير الى ان حكومتي البلدين توصلتا الى اتفاق حول الملف النووي الايراني، وانه بات يحتاج الى التوقيع، غير ان ادارة اوباما ترغب في استيعاب ضغط الجمهوريين الذين حققوا فوزا مرجحاً في الانتخابات الاخيرة من جهة، وطمأنة حلفائها في المنطقة من جهة اخرى.

لكن المصدر يرى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو لم يكن موفقاً او مؤثراً في خطابه امام الكونغرس بدليل مسارعة الرئيس الاميركي الى الرد والتعليق سريعا بطريقة سلبية، وكذلك عدم صدور مواقف حماسية من قبل الجمهوريين تساند هذا الخطاب.

وحسب تقارير دبلوماسية، يقول المصدر ان الرئيس الاميركي برهن حتى الآن انه غير مستعد للانصياع الي ضغوط خصومه الجمهوريين، حتى انه لم يشأ اطلاعهم على تفاصيل مسودة الاتفاق التي ناقشها كيري مع ظريف في جنيف.

ويسعى الجمهوريون، حسبما يرى المصدر، الى تأخير توقيع الاتفاق لتحقيق امرين: اولا اضعاف الرئيس اوباما من خلال عدم تحقيق هذا الانجاز وابقاء الملف النوي ورقة في يدهم في المستقبل، وثانياً تماشياً مع رغبة رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو الذي على علاقة سيئة مع الرئيس الاميركي.

وبالنسبة للضغوط الخارجية فإن حلفاء واشنطن في المنطقة وتحديداً دول الخليج لا سيما السعودية يسعون ايضا الى عدم الاسراع في التوقيع على الاتفاق النووي الايراني ريثما يجري الاتفاق وتسوية الازمات في المنطقة، لا سيما تلك المتعلقة بتداعيات خلافاتهم مع ايران حول العراق وسوريا واليمن بالدرجة الاولى.

ويبدو من تصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بعد استقباله وزير الخارجية الاميركي ان المملكة لا تحبذ التوقيع على الاتفاق بين واشنطن وطهران قبل معالجة آثار المواجهة مع ايران في هذه الدول لا سيما بعد ان سيطر الحوثيين على صنعاء ومناطق واسعة في اليمن، وتضاعف النفوذ الايراني في هذا البلد اضافة الى العراق وسوريا.

وبتقدير المصدر الدبلوماسي ان الادارة الاميركية تأخذ بعين الاعتبار خلال تفاوضها مع الحكومة الايرانية المشهد الراهن في المنطقة، بل انها لا تتخذ موقفاً سلبيا مما تقوم به الحكومة العراقية في حربها ضد «داعش» بما في ذلك الاستعانة بالايرانيين و«الحرس الثوري»، كما ان ادارة اوباما التي اعلنت تأييدها للرئيس اليمني المنتقل الى عدن، لا تذهب بهذا الموقف كما السعودية وبعض دول الخليج الى حدود التعبئة العسكرية ضد الحوثيين، لأنها تعرف ان هذا الدم سيصب في مصلحة «القاعدة» وليس فريق الرئيس عبد ربه منصور هادي لأنه لا يملك القدرات الكافية لفرض نفوذه فعلياً في المنطقة التي يتواجد فيها الآن.

من هنا، يعتقد المصدر ان واشنطن تحاول مسايرة السعودية وباقي حلفائها في الخليج، لكنها تتصرف وفق اجندتها في المنطقة آخذة بين الاعتبار التوازنات السياسية والعسكرية، وحجم النفوذ الايراني المتعاظم في الشرق الاوسط.

لا بل ان الادارة الاميركية ادركت مؤخرا ان هناك تحولات اخذت تتضح اكثر في الموقف الاوروبي او بعض الدول الاوروبية بعد «تشظي حظر» التنظيمات الارهابية التكفيرية باشكال كبيرة الى اوروبا.

كل ذلك يؤشر الى ان ادارة الرئيس الاميركي تعاني ضغوطاً قوية على الصعيدين الداخلي والخارجي لثنيها عن التوقيع على الاتفاق النووي مع طهران، لكن الرضوخ لهذه الضغوط سيؤدي الى مضاعفات كبيرة في المنطقة ربما ترتد على الولايات المتحدة بخسائر غير محسوبة.