المسيحيون لهم دائماً «الطنة والرنة» عبارة قد لا يستسيغها البعض وقد لا تكون هنا في معرض المديح.فهم مثلاً أن تقاتلوا فإن حروبهم تستمر حتى الثمالة أو يقضي الله مفعولا...وهم اذا قرروا الحوار بين بعضهم فإن زوبعة من الأخبار والإشاعات والتحاليل ترافق مسيرتهم الحوارية.بينما في المقابل فإن شركاءهم في الوطن يمارسون الاتحاد مع بعضهم بصمت واضعين مصلحة الطائفة فوق كل اعتبار.هكذا فعلت الثنائية الشيعية التي اتحدت «عالسكيت» فلم يسمع أحد عن الإجتماعات التي عقدت من أجل الوحدة بين حزب الله وحركة أمل، بل فوجئ الجميع بأن الفريقين وضعا الملفات الخلافية جانباً، وهي عديدة، لأن المصلحة العليا فوق كل اعتبار. كما أن طائفة الموحدين الدروز شاءت أن تختلف سياسيا بين حنبلاطي ويزبكي إضافة إلى دخول حزب التوحيد إلى نادي القيادات الدرزية.لكن الثلاثة توافقوا على سلمية الخلاف وعلى أبعاد مناطقهم عن الاحتكاكات. كما أن أهل السنة استسلموا لمقولة أن الشيخ سعد هو الممثل الأوحد للسنة مع بعض الخلافات حول نسبة هذا التمثيل.

في ظل الصخب الإعلامي يستمر الحوار بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». كما أن موجة من التشكيك بدأت تتصاعد فما خص التباطؤ في إعلان النتائج إضافة إلى أن الشركاء المسيحيين لكل فريق داخل الحوار، يشعرون بأنهم مستبعدون ويشعرون أيضاً بأن المياه تجري من تحت الطاولة ومن تحت الأقدام.خصوصاً أن الحوار بدأ يلامس شؤونا استراتيجية وأخباراً عن تقاسم الحكم بين المتحاورين.

في خضم هذه الامور تجد اوساط شمالية مسيحية ان النائب سليمان فرنجية يسير وفق الحكمة القائلة «لا تحسبن صمتي جهلا او نسياناً فالارض صامتة وفي جوفها بركان فالصمت لغتي فاعذروني لقلة كلامي فربما ما يدور حولي لا يستحق الكلام».

هذه الحكمة يعتمدها النائب فرنجية في مرحلة حساسة وخطيرة تمر بها البلاد وتنذر بالاسوأ، الامر الذي يقتضي وفق هذه الاوساط، المراقبة بانتظار هدوء النيران المشتعلة على الحدود اللبنانية، والتي باتت تهدد ربيعه والتي يراد تحويله الى ربيع ساخن، مع الحشود التي تقوم بها الجماعات التكفيرية على السلسة الشرقية.

وترى اوساط مطلعة على اجتماعات قيادات «المردة» ان فرنجية يعتبر ان ما يدور حوله يستحق العمل الجدي والصمت لانه افضل بكثير من الكلام في هذه الاوقات الصعبة التي تختلط فيها الاوراق، فعلى الصعيد المحلي من المهم الاشارة الى انه في ظل انعقاد جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي لمحاكمة متهمين من «حزب الله» بقتل الرئيس رفيق الحريري يجلس نواب «تيار المستقبل» الى طاولة الحوار مع «حزب الله».

وتضيف هذه المصادر ان ما يجري على الصعيد الدولي والاقليمي، بداية لناحية اشراف قائد فيلق القدس الذراع الاقليمي للحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني شخصياً على دحر «الداعشيين» من تكريت التي تشكل عاملاً رمزياً لهم بحيث وصفتها وكالة «انباء فارس» بالقول«مدينة تكريت مسقط رأس صدام ديكتاتور العراق المعدوم وتعد احد معاقل المجاميع البعثية «الداعشية» هو من الدلائل على التغيرات التي تستحق المراقبة.

وشددت المصادر على ان ما يجري في اليمن من مواجهات بين الحوثيين و«تنظيم القاعدة» وعملية اطلاق سراح القنصل السعودي المختطف في اليمن منذ 3 سنوات كل هذه الامور تظهر مدى اختلاط الاوراق حيث بات الاعداء حلفاء والحلفاء اعداء كل ذلك يضاف اليه الخطاب الناري الذي القاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من منبر قاعة مجلس النواب الأميركي، الذي قاطعه نحو 60 عضواً من مجلسي النواب والشيوخ الديموقراطيين. كما ان إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما عن رفضه استقبال نتنياهو الذي تزامن مع لقاء وزير خارجيته جون كيري لنظيره الايراني محمد جواد ظريف في جنيف هو من هذه المؤشرات.

من هنا تتابع المصادر انه من الواجب في ظل هذه التغيرات تشجيع الحوار الداخلي في لبنان الذي يصب في خانة الاستراتيجية الدفاعية في مواجهة الارهاب، لان «الورقة اللبنانية» اليوم ليست في سلم الاولويات الاقليمية والدولية، وان كل حوار على الساحة الداخلية يحصن لبنان في مواجهة المد التكفيري، وتشدد هذه المصادر على دعم النائب فرنجية لموضوع مد الجسور بين مختلف الافرقاء، لمواجهة هذه المرحلة المهمة في تاريخ الشرق الاوسط الذي يشهد تغييرات جذرية في معظم الدول، من هنا ضرورة الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية.

وتؤكد هذه المصادر ان النائب فرنجية سيبقى مع الجنرال عون كمرشح رئاسي طالما ان هناك نبضاً في عروقه، وعندما يقرر العماد عون العزوف سيبنى على الشيء مقتضاه.