على رغم انتقاده شبه الأسبوعي للقتال في سوريا الى جانب الرئيس بشار الأسد، ومغازلته "جبهة النصرة" من ضمن السياسة التي يعتقد أنها تحمي دروز سوريا، لا يجب أن يتفاجأ أحد من خبر زيارة وفد قيادي رفيع المستوى في "حزب الله" لرئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​. فالفريقان قررا منذ مدة التعاطي داخلياً على قاعدة "المفرق" لا "الجملة"، لكل منهما نظرته الخاصة المتعلقة بالحرب السورية، أما بالنسبة الى اللعبة السياسية اللبنانية، فالتعاطي يكون مع كل فريق أو ملف على حدى تحت عناوين "السلم الأهلي" و"الوحدة الوطنية"، وبعيداً كل البعد من الإصطفافات والمحاور والأحلاف التي تفرض أحياناً على المنخرطين فيها الإنجرار الى مواقف لا يريدها أصحابها ولا تأتي إلا مسايرةً للحليف.

إذاً "نقاط التلاقي كثيرة في هذه المرحلة بين الضاحية والمختارة"، يقول المتابعون، وتنطلق أولاً بحسب المصادر المطلعة من ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها لبنان، والتي يكثر الحديث فيها عن "معركة الربيع" بين الجيش اللبناني والمجموعات الإرهابية لتحرير جرد عرسال والسلسلة الشرقية من الإحتلال والخطر الداهم. وكما الحفاظ على السلم الأهلي، تبدو عملية الحفاظ على الحكومة الجامعة من ضمن هذه النقاط المتفق عليها على إعتبار أن الأخيرة تستطيع بتمثيلها الواسع أن تواجه المخاطر المحدقة بلبنان، على كافة الصعد، ومن هنا نشطت الإتصالات في الأيام الأخيرة على مثلث كليمنصو-الضاحية-عين التينة بهدف عودة الحياة الى جلسات مجلس الوزراء.

وبدرجة أقل من هاتين النقطتين، لا يغيب الفراغ الرئاسي عن حسابات جنبلاط و"حزب الله"، إضافة الى الشلل الذي يضرب المجلس النيابي.

ربط النزاع هذا بين "حزب الله" والزعيم الدرزي، لا يقوم من دون تواصل، والتواصل مستمر ليس فقط على المستوى القيادي بين الحزبين، بل عبر لقاءات بين مشايخ وفعاليات الفريقين للتنسيق والتعاون في شتى المجالات. من ناحية أخرى، الضاحية الجنوبية مطمئنة الى توجهات "بيك" المختارة المستقبلية، وتستبعد جماهيرها أن يعود الى مهاجمته سلاح المقاومة من جديد. فالمصادر المقربة من الحزب تعتبر أن "العلاقة مع جنبلاط في عزّها اليوم، وما يثبت هذا الإطمئنان أكثر لدى شارع الحزب وجماهيره، هو أن جنبلاط إختار هذا التموضع عن قناعة".

وفي هذا الإطار تضيف الأوساط عينها "إن وليد بيك لم يختر توجهاته عبثاً، هو لا يشتري السمك في الماء، فالرجل يقرأ جيداً في الوضع الإقليمي كي يحدد خياراته وعلى هذا الأساس يقترب قدر الإمكان من حزب الله ويبتعد شيئاً فشيئاً عن قوى الرابع عشر من آذار، محافظاً على علاقة جيدة مع رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري".

إنطلاقاً من كل هذه المعطيات، ذكّر جنبلاط في الآونة الأخيرة كوادره الحزبية ونوابه كما وزراءه بتعميمه السابق، "عدم الإنجرار وراء السجالات الكلامية عبر وسائل الإعلام، والتصدي لأي حزبي يفتعل إشكالاً في الشارع مع جماهير الحزب".