هل دخلت الحكومة اللبنانية في ما يمكن تسميته الوقت القاتل؟

وإلى أيِّ حدٍ يمكن لها أن تعيش في جمهورية التقاعد والمتقاعدين؟

كلُّ شيءٍ فيها بات يعيش على ما يشبه الفراغ أو على عتبة الفراغ، فكلُّ ما له علاقة بالدولة بات عرضةً للإنهيار أو للتمديد بالقوة، تحت حجة الظروف القاهرة.

فبعد أقل من أسبوعٍ من اليوم، وتحديداً في الحادي عشر من هذا الشهر، تنتهي ولاية لجنة الرقابة على المصارف، في الظروف الطبيعية هذا الإستحقاق أقل من عادي، ولكن في الظروف التي يعيش فيها البلد فإنَّه ليس إستحقاقاً مالياً ومصرفياً فحسب، بل تحوَّل إلى إستحقاقٍ سياسيٍّ بإمتياز، وخشيةً من أن يطاوله الفراغ أيضاً. الخلاف حول التعيينات كان على حاله بين القوى السياسية، ومن شأن استمراره أن يجعل القضية في يدي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذا لم يستطع السياسيون بت المسألة. وفي مطلق الأحوال فإنَّ وضعها بين يدي الحاكم أفضل من إبقائها في هذا السياق.

ماذا لو استمرَّ الخلاف حول هذه القضية؟

قد يُرجأ البتُّ فيها إلى جلسة الخميس المقبل وهو اليوم الأخير من ولاية اللجنة، فهل يُعقَل أن يتمَّ البتُّ في الملفِّ في ربع الساعة الأخير من ولاية اللجنة؟

هل دائماً يجب أن نعمل وفق سياسة حافة الهاوية؟

قضيةٌ أخرى، المجلس الدستوري. وهو أعلى هيئة دستورية في البلد، تنتهي ولاية أعضائه بعد ثلاثة أشهر من اليوم، أي في السادس من حزيران المقبل، وفي القانون فإنَّ الترشيحات للعضوية، وهُم عشرة أعضاء، يجب أن تبدأ قبل تسعين يوماً من إنتهاء الولاية، أي عملياً يُفتَرض أن تبدأ الترشيحات اليوم لنصل إلى السادس من حزيران وقد أُنجِز الأمر، فهل نحن في هذا الوضع؟

بالتأكيد لا، فحتى لو تمت عملية الإختيار فأمام مَن سيُقسم الأعضاء الجدد اليمين الدستورية، وهُم في العادة يقسمون اليمين أمام رئيس الجمهورية.

هاتان العيِّنتان العشوائيَّتان تُظهران مدى الإستهتار بشؤون الناس وبالمؤسسات في لبنان. فأيُّ أملٍ يُرتجى بعد، خصوصاً إذا كانت معظم المؤسسات قد أصبحت تشبه وضع المجلس الدستوري ولجنة الرقابة على المصارف؟

إن سائر المؤسسات ليست أفضل، وطرق المعالجات ليست أحسن، يكفي أن ندقق في المخرج الذي تمَّ لمشكلة مصروفي الكازينو حتى نُدرِك في أيِّ هاويةٍ نحن.

لم تعد هناك مؤسسات في لبنان تسير وفق النمط الطبيعي، فهي إما بالتكليف وإما بالتعاقد وإما بالمياومة وإما بحكم الأمر الواقع، فهل هذا التفريغ متعمَّد؟

وإلى أين يمكن أن يصل بعد هذه المعمعة؟

السؤال خطيرٌ ويُخشى أن يكون الجواب أخطر.