- ليس هناك ما يشير إلى أيّ احتمالات أو بوادر لتمكن كلّ من السعودية و«إسرائيل» من إعاقة أو تعطيل التفاهم الإيراني مع الغرب، على رغم كلّ التعقيدات التي تعترض طريق النجاح التفاوضي، فقد صار التفاهم قدراً للفريقين، وأغلقت في وجه الطرفين طرق التراجع، وصار بديل التفاهم هو المزيد من التفاهم، وارتبطت مصائر كثير من النخب والخيارات الكبرى في بلدان عدة وهامة في العالم بنجاح هذه المفاوضات.

- تبدو القيادة السعودية ومثلها القيادة «الإسرائيلية»، تتصرفان من دون امتلاك أي جواب على كيفية التصرف بعد وصول واشنطن وطهران إلى إعلان التوصل إلى الاتفاق ولو من باب علم الاحتمالات.

- ماذا لو أعلن الاتفاق الأميركي الإيراني غداً، فماذا هو تمهيد التموضع اللازم مع النتائج المترتبة عليه، الذي هيأته كلّ من القيادتين؟

- تتصرف كلّ من القيادتين على قاعدة إنتاج المزيد من التعقيدات، ورميها في وجه الأميركي لعرقلة الاتفاق إذا أمكن، وتحويلها إلى عقد عليه حلحلتها إذا تمّ الاتفاق، فما يجري على مستوى اليمن والعراق وسورية ولبنان، من الجانب السعودي هو إعلان حرب على إيران وحلفائها، من دون امتلاك جيوش تقاتل، ومن دون القدرة على تعديل التوازنات لمصلحتها، كي تتمكن من القول لواشنطن ها نحن ننجز فلا تستعجلوا في الاتفاق، أو تقول بعد الاتفاق نحن أنجزنا فترجموا إنجازاتنا في التفاهمات الإقليمية، العكس هو الذي يجري، فما تفعله السعودية هو دفع المناخات إلى طريق التشنج والتوتر وهي تخسر، فيزداد الأميركي قناعة بالحاجة للتفاهم مع إيران، وبعد التفاهم يضطر لطلب جعل الهزيمة مشفقة على السعودية، وعدم تدفيعها ثمناً تستحقه لحجم حماقاتها.

- القيادة «الإسرائيلية» التي استفزت كلّ المنطقة بعنجهية، تكشفت عن فراغ اليدين من القدرة عند أول اختبار، كما قالت عملية مزارع شبعا، تثبت عجزاً متمادياً عن التهيّؤ لأيّ بديل سياسي لتسوية ترعاها واشنطن، ولكنها تذهب إلى استفزاز واشنطن نفسها، والسعي إلى العبث بأوراقها الداخلية، وجلب دواعشها إلى الحكومة، ووضعهم وجهاً لوجه أمام واشنطن، فتفقد واشنطن أسباب الحماسة لإقامة الحساب لشريك، عليها أخذ توقيته في الاعتبار في تفاهماتها، وما بعد التفاهم ستصير واشنطن أمام تدبّر كيفية حماية «إسرائيل» من جنونها، بدلاً من إعادة تشكيل حلفها لتوازنات جديدة، تضمن حفظ أوسع شبكة مصالح.

- الانتحار لا مكان له في السياسة، التي تشكل فن إدارة التوازنات، وما يجري لا يغيّر قواعد العمل السياسي، بل يؤكد الطابع الهجين للكيانين السعودي و«الإسرائيلي»، وبالتالي انعدام قدرة السياسة على حلّ معضلات وجودية.

- بدلاً من مقولة شمشون الانتحارية «عليّ وعلى أعدائي»، تصير مقولة السعودي و«الإسرائيلي» «عليّ وعلى أصدقائي».