في بلاد الفراغ والفساد، لم يعد غريباً أن يسمع الإنسان بمعلومات عن تغطيات تحصل لكبار تجار​المخدرات​، ولا يبدو أن هناك من المسؤولين من يفكر بوضع خطة أمنية فعلية لمعالجة هذا الموضوع، ربما لأنه لا يساهم في إرتفاع منسوب الإحتقان الطائفي، ولا يشكل ممراً إرهابياً خطيراً. لكن مهلاً، من يقتل الشباب اللبناني يومياً عبر توزيعه هذه المواد ألا يعتبر إرهابياً أيضاً؟ ومن ينتشر في مختلف المناطق، دون حسيب أو رقيب، ألا يشكل خطراً على الأمن القومي؟

قبل الدخول في التفاصيل الصادمة، تكفي الإشارة إلى أن نسبة السرقات في لبنان إرتفعت بشكل لافت، في العام 2015، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة، لـ"النشرة"، والأمر مرتبط إلى حد بعيد بانتشار المخدرات، من أجل الدلالة على خطورة الإستمرار في الصمت عن هذه القضية، بالرغم من إرتباط الموضوع بالعديد من العوامل الأخرى.

قد يخرج اليوم أو غداً، أحد المسؤولين الرسميين ليقول أن الدولة تتابع هذا الملف بشكل دقيق، لكن من واجب أي مواطن السؤال عن الأسباب التي تحول دون توقيف كبار التجار، فالمشكلة الأساسية ليست في توقيف متعاط، هو من حيث المبدأ مريض، ولا مروج صغير يتقاضى مبلغ زهيد من المال، بل في توقيف المصدر الأساسي، أي كبار التجار.

هنا تكمن المعضلة الأساسية، حيث يكشف مرجع أمني سابق، عبر "النشرة"، عن معلومات تؤكد بأن مختلف أجهزة الدولة تعرف هؤلاء بالأسماء ومكان سكنهم، لكنه يشير إلى موانع كثيرة تمنع ملاحقتهم، منها التغطيات وعلمهم المسبق بأي مداهمة لمعاقلهم قد تحصل.

إنطلاقاً من ذلك، تكشف "النشرة" اليوم عن معلومات خطيرة حصلت عليها، بالنسبة إلى المثلث القائم في منطقة سد البوشرية- الزعيترية- السبتية، من دون ذكر الأسماء كاملة، إحتراماً لحقوق المتهمين والقضاء اللبناني، الذي يبقى المسؤول الأول عن متابعة هذا الملف، إلى جانب الأجهزة الأمنية المعنية.

النقطة الأولى: تقع في منطقة سد البوشرية، شارع مار تقلا بالقرب من الـ"wooden bakery"، حيث هناك مبنيان داخل أحد الزواريب يتم فيهما بيع المخدرات، الكوكايين وحشيشة الكيف.

المسؤولون عن هذه النقطة هم: غ.ع.ز، والدته ص.ز يسكن في منطقة الفنار، وهو مطلوب، ف.ع.ز، والدته ص.ز يسكن في منطقة الفنار، وهو مطلوب، ع.م.ز، والدته ف.ر، يسكن في منطقة الفنار، وهو مطلوب، س.غ.ز، زوجة الأول، وهي تسكن في منطقة الفنار.

هذه المجموعة تتنقل بين الزعيترية والفنار بواسطة آليات، باتت معروفة من قبل الدولة اللبنانية، وهي من نوع "FJ CRUISSER"، واللافت أنهم يتجاوزون الحواجز الأمنية بواسطة بطاقات أمنية تسهل لهم ذلك.

في المعلومات التي حصلت عليها "النشرة"، يتولى أحد الأشخاص من التبعية السورية بيع المخدرات إلى الزبائن.

النقطة الثانية: تقع في منطقة الجديدة- الفنار، المعروفة بالزعيترية، حيث هناك 8 مبان تعود ملكيتها إلى المسؤولين عنها، وتباع المخدرات عبر نوافذ فولاذية داخل أبواب مقفلة، وهي محاطة بكاميرات مراقبة من جميع الجهات تنقل الصور التي يشاهدها كبار التجار بشكل دائم.

إلى جانب هذه النقطة، التي يتولى المسؤولية عنها: ز.س.ز، ز.م.ز، ع.ز.ز، ح.ع.ز، أ.ع.ز، يتولى المذكورون المسؤولية عن ترويج المخدرات في منطقة الليلكي وبرج البراجنة وصبرا والشويفات ودير قوبل، وتعمل عبر إستخدام سيارات مختلفة، إلا أنها قانونية، وعند توتر الأوضاع تلجأ إلى منطقة الشروانة في بعلبك.

قد تكون المعلومة الأخطر، المتعلقة بهذه المجموعة، هي أن هناك من يساعدها، عبر إبلاغهم بالإجراءات التي تسهل تنقلهم بين منطقة البقاع وبيروت، بسبب موقع له، وهو يتلقى بدلاً مالياً شهرياً مقابل ذلك من أحد كبار تجار المخدرات في لبنان ن.ز.

هنا، يجب الإشارة أيضاً إلى وجود نقطة لبيع المخدرات، في حي الجورة في منطقة برج البراجنة، تبعد عن أعيون الأجهزة الأمنية ما يقارب 80 متراً.

النقطة الثالثة: تقع في منطقة السبتية، المسؤول عنها يدعى ع.م.ز، المعروف بـ"أبو سلة"، والدته إ.ع، يملك بناية، في حي عين الشيخ مقابل مستشفى البيطار، ويتم بيع المخدرات يومياً بعد الساعة 12 ظهراً حتى ساعة متأخرة من الليل.

في هذا المبنى، تباع المخدرات في الطابق الثاني عبر فتحة باب حديدي، مع العلم أن البيع سابقاً كان يتم عبر "السلة"، إلا أن كشف الموضوع، دفع بالمسؤول عن هذه النقطة إلى تبديل أسلوبه، واللجوء إلى وضع حماية أمنية له.

و"أبو سلة" مطلوب بأكثر من 50 مذكرة توقيف، وسكان المنطقة التي يتواجد فيها المبنى يشكون دائماً من الحالة القائمة، والمعلومات تشير إلى أن الرجل بعد بدء تطبيق الخطة الأمنية في البقاع لجأ إلى مكان يقع على الحدود اللبنانية السورية.

المرجع الأمني السابق الذي يؤكد أن تجار المخدرات أقوى من الدولة، يكشف لـ"النشرة"، عن توقيف 7 من مروجي المخدرات المرتبطين بنقطة سد البوشرية في الفترة الأخيرة، و5 أيضاً مرتبطين بنقطة السبتية، لكنه يسأل: "ما نفع توقيف المروج إذا كان التاجر يبقى قائماً على رأس عمله، خصوصاً أن هؤلاء التجار يتولون توزيع السموم على المناطق عبر المروجين أو الوكلاء، الذين من الممكن تأمينهم بشكل دائم؟".

بالنسبة له، الحل يكون عبر توقيف التجار الكبار، لكنه يشدد على أن الموضوع يحتاج إلى قرار كبير، قد يكون شبيهاً بالقرار الذي أدى إلى تطبيق الخطط الأمنية في أكثر من منطقة، على شرط أن لا يتم إبلاغهم قبل ذلك كي يتمكنوا من الهروب.

في المحصلة، هذه مجموعة من المعلومات عن كبار تجار المخدرات في منطقة جبل لبنان، التي تؤكد المصادر أن أكثر منها موجود لدى المعنيين، ليبقى السؤال الجوهري عن الأسباب التي تحول دون توقيفهم، فهل من المقبول أن يكون هناك من يحمي هؤلاء الذين يقتلون الشباب؟

يمكن مشاهدة الفيديو الخاص المرفق الذي يوثق عملية بيع مخدرات تحصل في وضح النهار، دون حسيب أو رقيب.