بقدر ما يتابع أهالي القاع ما يحصل في جرود بلدتهم تحضيراً لما بات يعرف بمعركة الربيع التي سيقودها الجيش اللبناني مدعوماً من "حزب الله" والجيش السوري ضد التنظيمات الإرهابية، بقدر ما يرصدون ما يجري في منطقة ​مشاريع القاع​ من الناحية الإجتماعية والديمغرافية. فبلدة القاع التي يتخطى عدد أبنائها العشرة آلاف نسمة، لا يعيش منهم فيها خلال فصل الشتاء أكثر من ثلاثة آلاف، بينما يقطن منطقة المشاريع في الصيف والشتاء حوالى 25000 نازح سوري.

"إذا كان الهاجس الأمني من هؤلاء موجودًا من باب الحيطة والحذر لا أكثر"، يقول الأهالي على إعتبار أن المنطقة مكشوفة أمنياً، وبسبب إنخفاض حماسة نازحي المشاريع ونشاطهم مع المجموعات الإرهابية بعد سقوط القصير، يبقى الهاجس الإجتماعي والإقتصادي، الهم الأكبر الذي لا ينفك أهالي القاع عن التفكير به.

نعم في المشاريع، بات هناك بلدة سورية داخل البلدة. خيم نصبت في البداية من الأخشاب والنايلون، لتتحول فيما بعد باطونيةً بإمتياز، إذ عمد النازحون الى صبّ أرضها وبناء جدرانها ولو من دون أعمدة، كل ذلك على أراضي أهالي القاع، وبطريقة سرية محترفة، إذ جرت عمليات البناء من داخل الخيم، التي لم ينزع النايلون عنها إلا بعد إنتهاء الورشة.

هذا السيناريو الذي حوّل النازحون فيه خيمهم البلاستيكية الى غرف إسمنتية، إنسحب أيضاً على المحال التجارية التي لا تعد ولا تحصى هناك. صدقوا او لا تصدقوا، نعم في بلدة المشاريع هذه، تبدأ الدورة الإقتصادية من محلات الميني ماركت التي تحوي في داخلها منتجات سورية أكثر بكثير من تلك اللبنانية، ولا تنتهي عند حدود محلات بيع الهواتف الخلوية وتعبئة الخطوط السورية واللبنانية، بالأيام والدولارات. نعم في منطقة المشاريع، تنتشر صالونات الحلاقة بالعشرات، ولا يقف الأمر عند هذا الحد إذ رُصد خلال الأشهر القليلة الماضية إفتتاح محل لتأجير فساتين الأعراس.

لا يكفي أن تكون كل هذه المحال مخالفة للقوانين ومن دون تراخيص، بل عمد أصحابها الى تزويدها بالطاقة والمياه من خلال التعدّي على شبكات الدولة اللبنانية. فلا يمكن أن ترى عامود كهرباء في منطقة المشاريع، لم يعمد النازحون الى التعليق عليه لإنارة خيمهم ومحالهم، كما لا يمكن أن ترى امدادات للمياه من دون تهريبة لتعبئة الخزانات المنزلية.

ولأن هذا الوضع غير الشرعي لم يعد مقبولاً بالنسبة الى أهالي القاع، الذين يدفعون الضرائب بنسبة قد تقارب المئة في المئة، وفي المحصلة يستفيد النازح من الخدمات من دون أن يدفع ولو ليرة واحدة، يعمل المكلف متابعة شؤون البلدية فادي نصرالله (البلدية حُلت بسبب إستقالة أكثر من نصف أعضائها في كانون الأول 2014) بالتنسيق مع محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر وفعاليات البلدة، على مشروع مع مجلس الأمن الفرعي والسلطات المختصة لنزع كل هذه التعديات ولو إقتضى الأمر مؤازرة القوى الأمنية. مشروع لن يقف عند هذا الحد، بل يهدف الى جمع نازحي المشاريع بمخيم واحد على حدود القاع من ناحية الهرمل.