أحد الشعانين​ هو اليوم الذي يُدْخِلُ المسيحيين في الاسبوع الأخير من الصوم الكبير والمعروف بأسبوع الآلام، فالمسيح دخل أورشليم المدينة المقدّسة دخولا(1)متواضعًا، فرسالته التي حملها على مدى 33 عامًا أشرفت على دخولها منحًى آخر ليعطيها بعدًا جديدًا في التضحية. "هوشعنا لإبن داوود"...

يحتفل المؤمنون وفي كلّ عام بأحد الشعانين(2)فيسير الكبار والأطفال في الزياح استذكاراً لدخول الملك السماوي، يسوع المسيح، أورشليم(3)راكباً على جحش ابن أتان بفرح عظيم وهو يعلم أنه على درب عذابه وصلبه ومع ذلك يكمل المسيرة دون تردد لأنه ملتزم مشيئة أبيه وعازم على تنفيذها.

تحضيراً لهذه المناسبة تزدحم الأسواق التجارية بالناس ويتلهف الأطفال الى شراء الشموع المزيّنة والتي تحمل أشكال الرسوم المتحركة كما ورموزاً روحيّة من وحي المناسبة. "النشرة" جالت في أسواق الجديدة التي تتحضر لإستقبال العيد، حيث مختلف المحال التجارية تضع الشموع خارجاً في محاولة منها للفت إنتباه الأطفال، وهنا تشير ماري الى أن "الأهل ينتقون إجمالاً الشمعة التي تتناسب مع ثياب الأولاد"، ولافتةً الى أن "الشموع المزينة بالرسوم المتحركة هي التي تجذبهم ونحن نعتمدها". أما ريما نعمة الحلو فتشير الى أننا "زيّنا الشموع بالرسوم المتحركة ولكن لم ننسَ الرموز الدينية التي يجب ألاّ نبتعد عنها حتى لا نفرغ العيد من معناه، وبالتالي وضعنا على قسم منها صور العذراء مع يسوع المسيح".

حال أسواق الجديدة تشبه برج حمود، حيث ترى لوسي وهي صاحبة أحد المحال في المنطقة فترى أننا "سنة بعد أخرى نبتعد عن إستعمال بعض رموز احد الشعانين لنستبدلها بالرسوم المتحركة التي باتت تجذب الأولاد".

الأطفال يكشفون عن وجه الرب ويهللون بوجوده وفي أحد الشعانين يتوجهون اليه حاملين الشموع التي ترمز الى النور مهللين "هوشعنا(4) في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب".

(1)"ولَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ قَائِلاً لَهُمَا: "اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَجَحْشاً مَعَهَا، فَحُلاّهُمَا وَاْتِيَانِي بِهِمَا. وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئاً فَقُولا: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا". فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: "قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعاً، رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ". فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلا كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا. وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَاناً مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ: "أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأعَالِي!". وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: "مَنْ هذَا؟" فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: "هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ"(متى 21:1-11).

(2)اختار المسيح يوم الأحد الّذي يليه أسبوع الالام بالذات ليدخل أورشليم لأنّ اليهود كانوا يعدّون العدّة للاحتفال بفصحهم عبر تحضير الخروف -الذي يرمز للمسيح- في العاشر من شهر نيسان القمري، لذبحه وأكله بعد خمسة أيام. فيسوع كان يعلم تماما ما ينتظره يوم الجمعة (المعروفة في أيامنا هذه بيوم الجمعة العظيمة) وكيف ستكون مسيرة درب الجلجلة، فهو حمل اللّه الذي سيحتضن خطيئة العالم على الصليب.

(3)أورشليم تنقسم الى كلمتين "أور" وتعني الدار او المدينة أما الجزء الثاني من الكلمة "شليم" فيعني السلام وإذا ما جمعت لتصبح كلمة واحدة "أورشليم" فتصبح الترجمة العربيّة لها مدينة السلام او منطقة السلام.

(4) كلمة هوشعنا هي متواردة في لغات مختلفة بشكل متشابه. باللاتينية هي "Osanna" وباليونانية هي "σανν" (هوصانا)، وهي تأتي من العبرية القديمة (لغة المسيح الأم). أمّا جذر الكلمة العبري-الأرامي يعني "خلّص، أنقذ" وربما "مخلص".

تصوير تلفزيوني يورغو رحال