أشار الاستراتيجية العميد الركن غسان عبد الصمد ممثلاً نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، العماد ​جان قهوجي​ قائد الجيش، أنه "اذا كان الامن هو من أبرز التحديات التي تواجه لبنان في وقتنا الراهن، فقد تعرض هذا الوطن منذ استقلاله وحتى اليوم لأخطار عديدة، حال غياب الإستراتيجية الوطنية دون مواجهتها أو معالجتها أو السيطرة عليها. هذه الخطار هي بمجملها سياسية، اقتصادية، اجتماعية وأمنية، حيث كانت الدولة اللبنانية تواجهها استناداً الى النتائج، من دون التركيز على الأسباب، لا سيما دور الأمن القومي في حماية الوطن والمواطن، الأمر الذي أدى فيما بعد الى مزيد من المشاكل والتداعيات والتعقيدات، فما هو الامن القومي؟".

ولفت عبد الصمد خلال ندوة نظمها مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية، الى ان "سياسة إستخدام القدرات السياسية، العسكرية، الإقتصادية، الإجتماعية والعلمية، التي تمكن الدولة من الحفاظ على الإستقرار العام في الوطن، وحماية المصالح القومية، ومواجهة التهديدات الداخلية والخارجية في زمني الحرب والسلم"، موضحاً ان "التهديد الخارجي ومع أهميته في التـأثير على إستقرار الوطن فإن معالجته منوطة بشكل رئيس، بالدولة وسياساتها الخارجية وتحالفاتها، إضافة الى مسؤوليتها الأساسية في حماية الحدود".

أضاف: "أما التهديد الداخلي، فإن مسؤولية مواجهته تقع بالدرجة الأولى على عاتق الفرد والمجتمع المدني، ثم مسؤولية الدولة في تحقيق أمن المواطن الإقتصادي والإجتماعي، وأمن المجتمع الذي يشكل حاضناً للدولة وكياناً اساسياً في إنتاج السلطة، التي هي بدورها الأداة الفاعلة والمسؤولة عن حماية القيم الجوهرية لهذا المجتمع، كما هي مسؤولة عن تحقيق مصالحه الوطنية والمحافظة عليها، بعد ذلك يتشارك المجتمع المدني والدولة في حماية الفرد، ولكن هي أدوات الدولة لحماية المجتمع والفرد؟".

ورأى انه " ما من شك في أن القوة هي من أهم ادوات الدولة لحماية الأرض والمجتمع والفرد، وهي العامل الرئيس في صون السيادة والإستقلال، لكن قبل إستخدامها، على الدولة ان تقوم بما يلي، تأمين التنمية التي تواكب التطور والحداثة، وتوفير سلامة العلاقة بين مكونات الوطن من خلال إحترام المواطنين جميعاً القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، وإلتزامها تطبيق القوانين بعدل وحزم، والبقاء على مسافة واحدة من الجميع".

فما هي إذاً مصادر تهديد الأمن القومي، وما مدى تأثيرها في الإضرار بالوطن؟ وما هي الخطط الإستراتيجية لمجابهتها تمهيداً لإزالتها؟

واعتبر عبد الصمد أنه "لعل الخلل البنيوي في النظام التشغيلي، والذي يرتبط إرتباطاً وثيقاً بإحترام القانون والتوازن بين القطاعين العام والخاص، هو احد هذه المصادر، والذي لا يعطل مصالح الناس فحسب، بل مصالح الدولة أيضاً".

وأشار عبد الصمد الى ان "المصدر الآخر الذي يشكل تهديد لأمننا القومي، فهو الخلل البنيوي في السياسيات الإقتصادية والذي يتدرج من إنخفاض مستوى المعيشي خصوصاً لدى أصحاب الدخل المحدود العاجزين عن سد إحتياجاتهم الأساسية، مروراً بمختلف حالات التردي الصناعي والتجاري والزراعي في البلد، وإنحسار الطبقة الوسطى، وصولاً الى غياب أي رؤية أو إستراتيجية إقتصادية واضحة للدولة، تؤمن التكامل بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني".

وأوضح ان "الأمر الثالث، والذي لا يقل أهمية في ما يتعلق بتهديد الأمن القومي في لبنان، هو الخلل البنيوي في السياسات الإجتماعية، فمعظم ما نصادفه في حياتنا الإجتماعية ينطوي على مشكلات كثيرة، إبتداءً بلقمة العيش مروراً بمشكلة التفكك الأسري، وإختلاف النظرة حول المواطنية، وصولاً الى التباين العميق في مقاربة أزمة النازحين واللاجئين من سوريا وبعض الدول العربية، والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ".

وأكد عبد الصمد أن "النمو الإقتصادي لا يعطي ثماره المرجوة، الا إذا كان مصحوباً بسياسات إجتماعية ملائمة، من هنا فإن الأمن الإجتماعي يمثل حجر الأساس في بناء الأمن القومي للدولة"، ذاكراً انه "في ندوتنا هذه سنحاول مقاربة هذه المواضيع من مختلف الجوانب، من خلال نخبة الأكادميين والباحثين، للوصول في نهايتها الى توصيات مثمرة، على ان تستتبع هذه الندوة بحلقات حوارية نسعى من خلالها الى تحقيق الأهداف المنشودة".