طرح الوضع المتفجّر في اليمن اسئلة عديدة حول التداعيات المحتملة على لبنان، لا سيما في ضوء المواقف التي صدرت مؤخراً من بعض الأطراف تجاه ما يجري. واذا كان المشهد السائد حتى الآن يحمل في طيّاته مخاطر كبيرة وجدية على المنطقة بأسرها، فماذا سيكون نصيب لبنان؟

ومما لا شك فيه انه من السابق لأوانه الجزم في طبيعة وآثار ما سيترتب عن هذا الحدث الكبير، خصوصاً ان كرة النار الناجمة عن حرب التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية على الحوثيين وحلفائهم في اليمن لا تزال تتفاعل بطريقة غير محسوبة.

وفي قراءة اولى للصورة التي عكسها هذا الانفجار على الساحة اللبنانية، ترى مصادر سياسية بارزة ان ردود افعال ومواقف بعض الاطراف اللبنانية تجاه ما يجري تعكس «الخلاف التقليدي» ان صحّ التعبير حول ما يجري في المنطقة، وبالتالي فانها تندرج في هذا السياق بغض النظر عن اللهجة العالية والمباشرة التي طبعت هذه المواقف.

وفي اعتقاد المصادر ان ثمّة مفاتيح او مؤشرات داخلية ثلاثة لاستمرار الاستقرار العام في البلاد عدا عن العامل المتعلق بالقرار الخارجي الذي يلعب دوراً مهماً وأساسياً على مسار هذا الاستقرار.

وحسب الإشارات والمعطيات القائمة فان الحدث اليمني رغم حجمه الكبير والخطير لم يؤثر حتى الآن على فعالية هذه المفاتيح التي تعتبر صمام أمان للوضع العام في لبنان.

وتقول المصادر السياسية البارزة انه رغم ارتفاع لهجة السجال وحدته بين حزب الله وتيار المستقبل حول تطورات اليمن، فان الطرفين يؤكدان مجدداً على المضي في الحوار في سبيل حماية الاستقرار والمصلحة العامة، ويعتبر هذا الموقف مؤشراً ايجابياً يمكن البناء عليه في سبيل استمرار تحصين الوضع اللبناني من الزلازل الخارجية.

ويبدو أن القرار الذي استولد الحوار ما يزال ساري المفعول حتى اشعار آخر، الأمر الذي يعكس او يؤكد ان هناك ارادة خارجية وداخلية في تشجيع المضي بهذا النهج بغض النظر عن حجم النتائج التي يمكن ان يحرزها في ظل هذه المعمعة الخطيرة في المنطقة.

وبرأي المصادر ان المفتاح الثاني لاستمرار الاستقرار هو بقاء عمل الحكومة التي تعتبر «حكومة الضرورة» لسببين: الأول هو ان لا بديل عنها سوى الفوضى والفراغ الكاملين، والثاني انها تبقى الاطار للعمل المؤسساتي بغض النظر عن حجم انتاجيتها.

وتعتقد المصادر بأن الخلاف الذي ظهر بين الرئيس سلام وحزب الله حول خطابه الاول في القمة العربية يمكن ان يحدث إرباكاً في مسار العمل الحكومي لكنه لن يؤدي الى الاطاحة بها في كل الاحوال.

اما المفتاح الثالث لديمومة الاستقرار في البلاد فهو الاجماع على دعم الجيش في المهام التي يقوم بها لمحاربة الارهاب ولفرض الأمن بصورة عامة.

ووفقا لمعلومات من مراجع مسؤولة فان لبنان تلقى اشارات ديبلوماسية جديدة في الايام القليلة الماضية تؤكد انه ليس هناك اي تحول في القرار المتخذ بإبقاء لبنان تحت سقف الاستقرار، لا بل ان هناك تأكيدات جديدة على هذا القرار.

وتقول هذه المراجع ان لبنان ينعم باستقرار أمني ونقدي افضل بكثير من دول المنطقة، واننا كلبنانيين اصبحنا نحترف تضييع الفرص، فلو استفدنا من هذا الاستقرار لكنا انجزنا الكثير من الخطوات التي تعزز وضع لبنان وتحصّنه على غير صعيد.

ورغم عوامل الاطمئنان للوضع العام في البلاد فان الزلزال الناجم عن الانفجار اليمني وما يجري في المنطقة، يفرض حالة من الحذر والترقب بشكل عام، لا بل المواجهة المفتوحة على كل الاحتمالات تزيد من القلق على هذه العناصر والمفاتيح الضامنة لاستمرار الاستقرار في لبنان.

واذا كانت المعلومات والتقارير المتوفرة تشير الى رغبة سعودية وايرانية بابقاء لبنان بعيداً عن الانفجار الكبير، فان هناك أمراً مقلقاً ترصده المراجع اللبنانية ويتمثل بقيام الجيش الاسرائيلي مؤخراً بأربع مناورات. اثنتان في مزارع شبعا، وواحدة تحاكي الوضع اللبناني، واخرى في سياق ما يسمى بالحفاظ على الامن العام الاسرائيلي.

ولا تسقط هذه المراجع من حسابها محاولة اسرائيل الدخول على خط التشويش والضغط لحسابات تتعلق بسعيها الى كسب ثمن او تعويض ما عن الاتفاق النووي الايراني اذا ما سار بالاتجاه الايجابي أكان بالتوقيع الآني او من خلال تفاهم متروك للتوقيع في حزيران المقبل.