بعد أيام قليلة على بدء العملية العسكرية على جماعة "​أنصار الله​" في اليمن، بدأت علامات الإستفهام توضع حول مستقبل "عاصفة الحزم"، في ظل الفشل في تحقيق أهدافها، لا سيما أن المملكة العربية السعودية وضعت سقفاً عالياً لها دون أن تحفظ خط الرجعة، لا بل هي تذهب يوماً بعد آخر إلى حد فتح المزيد من الجبهات بوجه أكثر من جهة إقليمية ودولية.

في ظل هذا الواقع، يبقى موقف ​سلطنة عمان​ هو الأبرز على الصعيد الخليجي، حيث قرر السلطان قابوس النأي بنفسه عن هذه الحرب التي قد تسمح له بالدخول على خط الوساطة لاحقاً من الباب العريض، خصوصاً أن الرجل يتمتع بعلاقات خاصة مع الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية في طهران، فهل يكون هو "منقذ" الرياض من "الورطة" في حال إستمرت الأوضاع على ما هي عليه؟

عملياً، لا يمكن القول أن واشنطن كانت بعيدة عن التحضير لهذه العملية، هذا ما تؤكده مصادر مراقبة لـ"النشرة"، حيث تشير إلى أن الرياض ما كانت لتقوم بهذه الخطوة لولا الغطاء الأميركي، لكنها ترى أن الخطأ الإستراتيجي كان في إطلاق الشرارة الأولى قبل تأمين القوات البرية التي ستحتاجها السعودية، في حال قررت الذهاب بعيداً في الخيار العسكري في مواجهة "أنصار الله"، بسبب التقدم غير المتوقع الذي قامت به الجماعة باتجاه عدن، والذي أحرج المملكة التي لم يكن من الوارد أن تبقى متفرجة، مع العلم أن التحضير لهذه العملية بدأ قبل وفاة الملك السابق عبدالله بن عبد العزيز.

وتلفت هذه المصادر إلى أن "عاصفة الحزم" لن تنجح عبر الضربات الجويّة في القضاء على حركة الحوثيين، انما تزيد من كثرة الأخطاء التي تحصل، لناحية إستهداف المدنيين، وقد تدفع إلى المزيد من التعاطف الشعبي معهم، في حين أنّ الرياض لن تكون قادرة على الإستمرار طويلاً في المعركة المكلفة على أكثر من صعيد، لا سيما إقتصادياً وسياسياً، ناهيك عن الخلافات في النظرة إلى أولويات الخيار العسكري داخل الأسرة الحاكمة، حيث هناك فريق يعتقد أن الحل السياسي كان من الممكن أن يعطي ثماراً أفضل.

وفي حين ترى المصادر أن الغطاء السياسي، الذي حظيت به العملية خلال القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ، لا يقدم ولا يؤخر في حال لم تقرن الأقوال بالأفعال، تجزم بأن أياً من الجيوش العربية لن يقدم على إرسال قواته إلى اليمن للقتال دفاعاً عن الرغبات السعودية، لا سيما أن الحوثيين لا يشكلون خطراً على أي منها.

وتعتبر أن أغلبهم اليوم يفضل الإنتهاء من هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن كي لا يكون محرجاً أمام الرياض التي ترسل الأموال لهم للبقاء على قيد الحياة، وتلفت إلى أن هناك من هو قلق من إحتمال تدخل طهران في هذه الحرب إذا ما إستدعت الحاجة، حيث لا تزال الأخيرة مقتنعة بأن "أنصار الله" قادرة على الصمود وتحقيق النصر من دون أي تدخل مباشر منها.

اليوم، يمكن القول أن السعودية دخلت في حرب إستنزاف لن توصلها إلى أي نتيجة، في حين أن الجانب ال​إيران​ي الذي تخاض معه المواجهة تحت عنوان "محاصرة نفوذه ومنع هيمنته على المنطقة" لم يُقدِم على أيّ خطوة عملية حتى الساعة، أما حركة "أنصار الله" فهي صامدة في المواجهة كون الغارات الجوية غير قادرة على صناعة النصر أو حسم المعركة، والجانب الأميركي الذي يتابع التطورات بشكل دقيق لا يجد نفسه معنيا بالتدخل، كون المفاوضات النووية هي الهم الأساسي له، باعتبارها الإنجاز الوحيد القادر على إنقاذ عهد الرئيس باراك أوباما من الفشل التام.

على صعيد متصل، تعكس التصاريح المتضاربة بالنسبة إلى مستقبل العملية، لا سيما بالنسبة إلى موضوع إرسال قوات برية والقضاء على الحوثيين أو فتح الباب أمام الحل السياسي، تخبطاً كبيراً في الموقف النهائي، خصوصاً بالنسبة إلى السقف العالي الذي وضعته الرياض، حيث تؤكد المصادر أن الفشل سيؤدي إلى أن تدفع بعض الشخصيات السعودية ثمن ذلك.

في ظل هذا الواقع، تلمح المصادر إلى الدور العماني، خصوصاً أن السلطنة فضلت الخروج عن الإجماع الخليجي في الحرب اليمنية، الأمر الذي يؤهلها لتلعب دور "الوسيط" لاحقاً، وهي الدولة التي قامت بهذا الدور في أكثر من مناسبة، بسبب العلاقات الممتازة التي لديها مع الجمهورية الإسلامية، وقبل بدء المعركة طرح إسم مسقط لتكون مكاناً لمفاوضات يمنية بديلاً عن الرياض التي أصبحت منحازة إلى فريق دون آخر.

في المحصلة، السلطنة التي يقال أنها البوابة الغربية والعربية لإيران بسبب دورها في الوساطة معها في أكثر من ملف، قد تكون هي المنقذ الوحيد بالنسبة إلى المملكة اليوم، على الرغم من أن بعض الأصوات الإعلامية السعودية حاولت أن توجه لها بعض الإنتقادات في الأيام الأخيرة، فهل بات تدخلها قريبًا أم أنّ هدير الطائرات سيبقى هو المسيطر على الأجواء اليمنية؟