لا تكتسب الدعوات التي بدأت تطلقها ​ايران​ من اجل الحوار حول اليمن اي بعد ايجابي لدى اوساط ديبلوماسية اجنبية في بيروت اقله حتى الآن في ظل تضمين هذه الدعوات موقفا عدائيا من العملية العسكرية الخليجية في اليمن واسباغ اوصاف عليها تشي بتهديدات او على الاقل تحذيرات ضمنية وعلنية من انها تضع المنطقة عند حافة الخطر او المواجهة. فكما في كلام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الذي طغت حملته الشعواء على المملكة السعودية على خطابه فعتب اعلامه على الردود التي تناولته واغفلت دعوته الى الحوار في اليمن في حين انها لم تبد هذه الدعوة محورا مهما كالموضوع المحوري المتمثل في الهجوم الذي شنه على المملكة، فان موقف المسؤولين الايرانيين لا يحظى باي ثقل حقيقي في ظل الاطار الذي يوضع فيه. وتحاول ايران في رأي هذه الاوساط التحرك ديبلوماسيا من اجل ان ان تستغل هذا الجانب في موقفها وتسويقه على انها من دعاة السلم في اليمن ومن العاملين له في مقابل الحرب التي تقوم بها الدول وحشر هذه الاخيرة في حين انه لا يعتقد انها جدية في هذا المسعى لاعتبارات اساسية من بينها انها ما فتئت تدعو الى الحوار في كل ملفاتها جنباً الى جنب مع مساعيها "الاختراقية" ان كان ما يتصل بالملف النووي حيث تابعت مساعيها لتطوير قدرتها في هذا الاطار مع تسويق رغبتها في الحوار وسياستها في الحشد المادي عسكريا دعما لبشار الاسد في سوريا وارسال ميليشياتها في المنطقة من اجل حماية بقائه بالتزامن مع ادعائها دعم الحوار. فثمة الكثير مما هو مطلوب من ايران بناء على التصريحات السابقة لمسؤوليها بسيطرة طهران على العاصمة اليمنية ما يعني قدرتها على التأثير في من تستثمرهم في الداخل او تستغلهم من اجل تحقيق اهدافها ما يفرض تاليا خطوات عملانية على الارض تعطي صدقية للدعوة الى الحوار خصوصا ان السعودية سبقت الدعوات الايرانية بحض اليمنيين على الانضواء تحت الشرعية والتحاور تحت سقفها. الا ان الاهم اذا كانت دعوة طهران جدية ام تخفي نيات تصعيدية اي عدم التنازل ومواصلة الحرب بالواسطة كما يجري حاليا على اكثر من ساحة عربية اكدت مواقف الزعماء العرب في قمة شرم الشيخ حصولها مع ايران على خلفية العزم في التصدي لها وعدم السماح لها بالتمادي بعد الآن.

ما يتطلع اليه المراقبون فعلا ابعد من هذا التعاطي الظاهري ازاء الازمة اليمنية ومع الاجتماعات المتلاحقة لوزير الخارجية الاميركي جون كيري مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف في لوزان من اجل انجاز المراحل النهائية للاتفاق على الملف النووي الايراني هو محاولة معرفة اذا كان ثمة تأثير للولايات المتحدة في هذا الاطار. فعلى رغم تأكيدات الطرفين الاميركي والايراني عدم بحث اي موضوع آخر الى جانب الملف النووي، فان ثمة تساؤلات تحمل شكوكا كبيرة: اولا لان هؤلاء المراقبين لا يعتقدون ان العملية العسكرية التي شنتها دول الخليج من اجل استعادة الشرعية في اليمن بعيدة جدا من حيث توقيتها او منفصلة عن مفاوضات المرحلة النهائية في الملف النووي. فالدول العربية القلقة من تداعيات هذا الاتفاق باطلاق التوسع الايراني في المنطقة على مداه بعد الاتفاق المحتمل لا تخشى من القنبلة النووية الايرانية فعلا مقدار خشيتها من التوسع الايراني الذي يقوض الاستقرار في بعض دول المنطقة تحقيقا للنفوذ الاقليمي لطهران . فهل لم يكن اليمن محور بحث جانبي في لوزان بين كيري وظريف اذا كانت المنطقة على شفير حرب سياسية ومذهبية ؟. ثانيا هل يفضي او يعني دعم الولايات المتحدة العملية العسكرية السعودية في اليمن التي اعطت زخما قويا في دول الخليج وثقة اكبر للرأي العام في الدول ذات الغالبية السنية مساومة في المقابل لمصلحة طهران في الملف النووي وبعض مطالبها المتشددة في هذا الاطار بمعنى ان تحجيم نفوذها او مساعيها للتوسع في اليمن وعدم وضعها اليد على باب المندب تقايضه ايران لمصلحة ملفها النووي اكان ما يتصل بالعقوبات او سوى ذلك من النقاط. اي هل ان التسوية الكبيرة تفترض تنازلات في مكان اخر. وهو الامر الذي سيسمح بقبول الدول العربية بالاتفاق على مضض لكن من دون مخاوف كبيرة ومن دون اعتراضات او ردود فعل متزايدة في ضوء الخطوات التي اتخذتها بما يساهم في لجم طموحات طهران من خلال اجماع الدول الاسلامية من جهة وانضمام باكستان وتركيا الى هذا الاجماع الذي تشكل محوره السعودية ومصر. ذلك انه ليس خافيا المفارقة التي تضع الولايات المتحدة نفسها فيها مع التفاهم الذي بدأته مع طهران انطلاقا من ملفها النووي في مقابل الحساسيات التي اطلقتها مع حلفائها في الدول العربية كما مع اسرائيل، ما يحتمل ان يثقل عليها أكثر خصوصاً اذا لم تساهم في لجم ايران في مناطق سعيها الى بسط نفوذها اي اليمن والعراق وسوريا ولبنان ايضا. ثالثا ما هي الافاق المحتملة في المنطقة في اليوم التالي للاتفاق النووي بناء على التطورات في اليمن وابعادها؟. هل يطوي ذلك فتح باب ملفات المنطقة في مسعى لايجاد حل لها بناء على التوازن الجديد الذي احدثته العملية العسكرية في اليمن ام محاولة السعي الى استكمال السيناريوات التي كان يعممها المسؤولون الايرانيون قبل هذه العملية؟.