أمام أخطر تداعيات الهجوم السعودي على اليمن، والمتمثل بتقديم انتصار كبير لتنظيمَي "داعش" و"القاعدة"، وفق توصيف صحيفة "إندبندنت" البريطانية، في وقت تنهار دفاعات مقاتليهم بشكل كبير في الميدان العراقي، تُوِّجت بهزيمتهم في تكريت أمام زحف قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي، بعيداً عن مشاركة طائرات التحالف، رغم الإصرار الأميركي المشبوه على الدخول في "نهائيات" تحرير المدينة، في توقيت بدا لافتاً مع بدء الهجوم السعودي، توقّف مراقبون دوليون أمام "سابقة" تكتُّل الدول الخليجية والعربية وراء السعودية لشن حرب ضروس ضد بلد عربي، مُرفَقة بتهليل "إسرائيلي" لا يقتصر حصراً على المساندة الإعلامية العبرية الشرسة للمملكة تحت عنوان "كل عدو لإيران هو صديق لنا"، بل بدعم استخباري ولوجستي وصل إلى حد مشاركة الطائرات "الإسرائيلية" مع نظيراتها السعودية والمُلحقة بها، في الهجوم على اليمن، حسبما أشار أكثر من تقرير أمني غربي.

وبالتزامن، أكدت معلومات صحافية - وُصفت بالموثوقة - "توسيع" مهام غرفة عمليات "موك" في الأردن، لمواكبة الهجوم السعودي على الحوثيين، فتم إيلاء الاستخبارات التركية قيادة الجماعات المسلحة، وعلى رأسها مقاتلو "جبهة النصرة" و"حركة أحرار الشام"، بعملية مباغتة باتجاه مدينة إدلب السورية شمالاً، تجاوز عدد عناصرها المهاجمة 6000 مسلح، ورفع مستوى الإسناد "الإسرائيلي" لتلك الجماعات جنوباً، تحديداً في بصرى الشام، وصولا إلى "تطويق" حزب الله في لبنان بسلسلة أحداث أمنية ذات طابع مذهبي، وسط تواتر معلومات أمنية أشارت إلى اجتماع جمع ضباطا من "الموساد الإسرائيلي" واستخباريين سعوديين في السادس من شهر آذار الفائت في "إيلات"، تمّ خلاله تعيين ضابط ارتباط بين الجهاز "الإسرائيلي" وإحدى الجماعات اللبنانية المعادية للمقاومة، في دلالة على أن المحور السعودي - "الإسرائيلي" وملحقاته قرر الذهاب إلى النهاية، وفي كل ميادين المواجهة مجتمعة في المنطقة، لمواجهة محور دمشق - طهران - حزب الله.

وفي ظل معلومات سرّبها أحد معاوني الياس أوماخانوف؛ نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي، مفادها أن الحوثيين في اليمن جهزوا ضربات غير متوقعة ضد أهداف سعودية حساسة، في توقيت سيفاجئ المملكة والمحور الخليجي العربي الذي اجتمع خلفها، وفي حين بادرت السعودية منذ بداية الهجوم إلى إعلان أن نشر آلاف الجنود السعوديين على حدودها سيكونون بموقع دفاعي فقط وليس هجومي، قابله عرض تقرير عبر محطة "CNN" الأميركية، كشف أن القوات السعودية، مدعومة بقوات عربية، تخطط لإنزال حوالي 15 ألف جندي في عدن وتعز كتتويج لهجوم بري على اليمن، كشفت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" ووكالة "رويترز" أن قوات الحوثيين استولوا على وثائق سرية من مقر المكتب الوطني للأمن في صنعاء، تتضمّن خارطة تحرّك عسكري سعودي مرتقب ضد قواعدهم، وأنهم سحبوا معداتهم الثقيلة من الأهداف المشار إليها في الوثائق قبيل بدء الهجوم، باتجاه مواقع أخرى أُسقطت من جدول ضربات المقاتلات السعودية وحليفاتها. كما أكدت الصحيفة أن الأقمار الصناعية الأميركية رصدت تموضع صواريخ سكود طويلة المدى بحوزة الحوثيين، يتراوح مداها بين250 و650 كيلومتراً، وصواريخ أرض - بحر تنتظر بدء العد العكسي، وتوقيت مفاجئ درسه الحوثيون بعناية، لإعطاء إشارة الانطلاق نحو أهدافها.

محللون وخبراء عسكريون لفتوا إلى أن النظام السعودي وقع في فخ نصبته له الإدارة الأميركية، وأدخلته في مستنقع بات من الصعب جداً عليه الخروج منه دون ارتدادت خطيرة على العائلة الحاكمة، وذهب بعضهم إلى اعتبار أن هذا النظام سيكون من الآن وصاعداً قابعاً على فوهة بركان ستؤجج حممه التطورات العسكرية الدراماتيكية المقبلة، من دون إغفالهم الإشارة إلى أن غالبية الأهداف التي قصفتها المقاتلات السعودية منذ بدء الهجوم تعود لمرافق حيوية ومدنية ومحطات نفط وغاز، إضافة إلى أن أغلب ضحايا هذا القصف هم مدنيون وأطفال.

وفي السياق، أكدت تقارير صحافية على الدور القطري في دعم الجماعات المتطرفة في اليمن، وأشارت إلى لقاءات متتابعة جمعت ضباطاً من الاستخبارات القطرية مع مسؤولين في "الموساد" في تركيا، وإلى رحلات جوية تركية لافتة في الفترة الأخيرة من أنقرة إلى عدن وحضرموت، بمواكبة ضخ شحنات من الأسلحة أمّنتها الرياض لمقاتلي التنظيمات المتشددة المرتبطين بـ"القاعدة" في المحافظات اليمنية الجنوبية.

لا شك أن السعودية سقطت في فخ استدراجها إلى المستنقع اليمني، لاعتبارات أميركية عديدة، لكن ماذا بعد استنفاذها بنك أهدافها؟ وهل هي قادرة على التدخُّل البرّي في بلد تدرك حجم تعقيداته الجغرافية، وخبرت جيداً نتائج الغوص العسكري في وحوله؟ وحيث بات الحوثيون بعد كل هذه السنوات أكثر تسلحاً وخبرة، لعل هاجسها الأكبر الآن: كيف سيرد هؤلاء؟ ومتى؟ وهل سيتم الردّ من داخل اليمن، أو من خارج حدوده؟ فلإيران أذرع أخرى في ميادين ساخنة متعددة، تستطيع من خلالها إيلام أعدائها، على وقع تسريبات صحافية رجّحت حصول مفاجآت غير مسبوقة جهّزها محور المقاومة في كل ميادين المواجهات في المنطقة.