لا يمكن لأحد ان يفهم اسرار التصعيد لدى اهالي العسكريين وكيف يفكر اهل العسكريين المخطوفين لدى اسوأ الارهابيين وبماذا يشعرون وهم لا يعرفون شيئاً عن فلذات اكبادهم المحتجزين في الكهوف والمغاور في ظروف حياتية ونفسية سيئة إلا من مر بتجربة مماثلة وخضع لمثل هذا الاختبار المرير، بهذه الخلاصة يفسر مرجع معني بملف العسكريين وعلى علاقة باهالي العسكريين التحرك الاخير لذوي العسكريين ولجوئهم الى قطع طرقات الصيفي و«الداون تاون بعد توقفهم عن التصعيد واغلاق الطرقات منذ عيدي الميلاد ورأس السنة وتسليمهم امر التفاوض للمدير العام للأمن العام وتوكيله كامل الثقة بالملف، بعدما قصدوا عباس ابراهيم مؤخراً لتعليق تحركهم ومنحه تفويضاً جديداً.

فالواضح ان عاصفة قوية هبت مؤخراً في قلوب اهالي العسكريين المحتجزين الذين ملوا الانتظار الصعب وانهارت قواهم واعصابهم وهم لا يفقهون اي تفصيل عن مصير أبنائهم، وسبب هذه العاصفة والقلق مرده الى عدة عوامل ومؤشرات يضيف المرجع، جعلتهم يختارون الشارع مجدداً لرفع الصوت من جهة وتحت وطأة ضغوط الارهابيين وتهديداتهم ، عدا ان اهل العسكريين يشعرون بالخوف من اندلاع المعركة قريباً وفي اي لحظة بين الجيش والارهابيين خصوصاً ان هذه المعركة لا يمكن التكهن بحدتها وعنفها وشعور الاهل ان «زنقة «الخاطفين قد تؤدي الى تصفية اولادهم على يد «داعش» الذي ينقل عنهم في معاركهم في سوريا او العراق انهم يلجأون الى طريقة «علي وعلى اعدائي يا رب» خصوصاً ان لا شيىء لديهم ليخسروه فيما لو نجح الجيش في القضاء عليهم وطردهم من السلسلة الشرقية، ومن جهة اخرى فان المرحلة الاخيرة لم تحمل اي تقدم في الملف او تطور ايجابي. فيما كانت الأجواء تشير الى حصول تطور في الملف لدى المخطوفين لدى «النصرة» ومن ثم تراجعت الى المكان الاول الذي توقفت فيه.

ورغم كل الغموض الذي يحيط بالملف ورغم التكتم والسرية اللذين يغلبان على حركة المدير العام للأمن العام الذي يحيط معركته التفاوضية بالكثير من السرية تفادياً لثغرة او خطأ قد يكلف غالياً خصوصاً ان المفاوضات التي جرت ساهمت في وقف التصفية الجسدية، لكن على ما يبدو فان المسلحين ليسوا في وارد العودة اليها على الأقل في الوقت الحالي، والواضح ان ملف العسكريين المخطوفين يمكن كما تتوقع اوساط متابعة ان يجد حلولاً بطريقة مفاجئة وإلا كيف يمكن تفسير هذا الهدوء الذي يسطر على تصريحات «النصرة« و«داعش» وحيث تم تحييد العسكريين المخطوفين بعد مسلسل الإعدامات الذي لجأ اليه الارهابيون للترويع وخلق حالة نفسية ومذهبية واثارة فتنة طائفية. وتؤكد الاوساط ان هذا الملف خضع لعدة اختبارات اتت لصالح العسكريين، خصوصاً بعدما تم توقيف «الميقاتيين» اللذين شاركا في عملية تصفية العسكريين اضافة الى التوقيفات التي يكشف عنها وما لا يكشف من بنك معلومات سوف يساهم في تحييد ملف العسكريين وعدم التعرض لهم.

ولكن ذلك لا يلغي المخاوف كلها، ولا يعني بحسب الاوساط ان الارهابيين تخلوا عن ملف العسكريين فلا شيىء يردعهم عن العودة الى الإعدامات او الى تصفية العسكريين فإرهابهم وبطشهم لا حدود له، ومشهد الإعدامات والعمليات الإجرامية من رجم بالحجارة او رمي من ارتفاعات عالية والقتل بالسيف يتكرر في كل المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون، وهم لا يملكون القواعد الأخلاقية والإلتزامات التي تملكها عادة الجماعات الارهابية والمجرمة، ولكن المؤكد كما تقول الاوساط ان العودة الى مسلسل الإعدامات غير مطروح حالياً في اجندات الإرهابيين لاعتبارات عديدة ومنها ان الارهابيين ذهلوا بتعنت الدولة وتمسكها بالمقايضة ضمن شروطها الخاصة التي لا تعني الافراج عن الارهابيين الخطيرين الذين تريدهم النصرة وداعش، كما ان الارهابيين باتوا على يقين بان السلطة تمتلك الكثير من الاوراق لديها التي يمكن بعد تجربة رومية ان تستعملها ضدها، فبعد الإجراءات التي اتخذها الأمن العام لتنظيم الدخول السوري الى الاراضي اللبنانية، سألت الاوساط، من يضمن مثلاً ان لا يتم التضييق على بعض المخيمات التي تحوي عائلات واقارب الارهابيين، وما الذي يمنع الدولة ان تكرر تجربة او سيناريو مبادلة حزب الله لأسيره لدى «النصرة» خصوصاً بعدما صار عدد الارهابيين الموقوفين مؤخراً يفوق التصور وبمن فيهم نساء الاسلاميين إضافة الى «كنوز» من الارهابيين قدموا معلومات بالغة الاهمية للدولة.