يدخل فريقا "حزب الله" و"تيار المستقبل" الى عين التينة مساء اليوم لمعاودة حوارهما في جلسته التاسعة، بعد سلسلة من المواقف المتفجِّرة بين الطرفين اثر "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية وحلفاؤها في اليمن.

وسيحل هذا الملف وما رافقه من كلام لبناني على طاولة الحوار في حضور الوزير علي حسن خليل الذي سيكرر موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعي الى الحوار والمتمسك بـ"أوكسجينه" وانتشاره على أي بقعة في البلدان العربية التي تفيض حقولها السياسية بالأزمات والاضطرابات وسط سيل من الانقسامات التي تزيد فقرها، ويمثل اليمن موقع الصدارة في هذا التصنيف.

وتأتي "التاسعة" بعد ايام على الاعلان الرسمي للمواجهة المفتوحة بين السعودية وايران حين ستحضر "ملائكة" كل طرف في عين التينة في جلسة من المتوقع ألا تخلو من الاخذ والرد الساخنين وتحميل كل طرف الآخر مسؤولية هذه التصريحات وما يطلق في الاطلالات اللبنانية التي تعلّق على الحدث المفتوح والجروح النازفة على ملعب اليمن. وتأتي هذه الجلسة أيضاً غداة ما صدر من قرارات في القمة العربية في شرم الشيخ بعد استنفار الرياض على اكثر من مستوى سياسي وديبلوماسي وعسكري وإعلامي لجبه "انصار الله" في اليمن، وسيكون اللقاء في عين التينة ذا طابع معياري وسيحاول المشاركون في الوقت عينه استشراف قدرة التهدئة في لجنة الارتباط الحوارية هذه، وسيؤدي كل طرف مهمته بالحفاظ على اقتناعاته ومناخ التهدئة وعدم التفريط به. ولن يذهب اي منهما في خياراته على اساس أجندة اقليمية جديدة تؤدي الى الرجوع عن خيار الحوار.

وواجه الحوار في جلساته السابقة تحديات عدة تمكن الطرفان من تجاوزها، إلا ان ثمة من يعتقد ان جلسة اليوم ستمر بامتحان على جدوله مواد صعبة رغم تسليمهما بضرورة استمراره ومواصلته، وهذا ما شدد عليه السيد حسن نصرالله في بداية كلمته مساء الجمعة الفائت. وسبق لهؤلاء المعنيين ان نجحوا في تجاوز هذا التحدي وتطويق جملة من الهزات الارتدادية بعد المواجهة المفتوحة بين الرياض وطهران وانعكاس رياحها على حوارات اللبنانيين الذين لم تتوصل كتلهم النيابية الى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية لسد هذا النقص الكبير في الهيكل السياسي اللبناني المتهالك، الذي يهدد حكومته كلما طرأت أزمة في الخارج.

وثمة من يُرجع كل هذا الاطمئنان الى حوارات عين التينة الى حرص الرئيس سعد الحريري والسيد نصرالله على استمرار شق هذه الطريق، وهذا ما يعتقده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بقوله لـ"النهار" ان "الرجلين يحرصان على هذا الحوار ولن يعطلاه"، ولديه كل الثقة باستمرارهما في هذا المنحى لايمانهما بحجم خطورة التراجع الى الوراء. ويبقى الرئيس بري في موقع "نازع الصواعق" أمام الطريق الحوارية والحفاظ على مفاعيلها، والذي تعاطى مع حدث اليمن باسلوب يختلف عن رؤية الحريري ونصرالله، وان كان لا يوافق الاول في طروحاته ولم يغتبط بالطبع برؤية سلاح الجو العربي يدك ويقصف ارضاً عربية، وكان يتمنى أن يتحقق حلمه طوال العقود الاخيرة ويشاهد أسراب هذه المقاتلات تحلق فوق سماء فلسطين المحتلة وعودة لاجئيها من الشتات الى أرضهم.

وفي المناسبة لم يكن الرئيس تمام سلام قد أطلع بري على مضمون كلمته في شرم الشيخ، واقتصر الأمر على حصول اتصال بينهما. ولا يعارض رئيس المجلس "القوة العربية المشتركة" التي اطلقها الزعماء في قمتهم، لكنه يتمنى ألا تكون على شاكلة قوة "ع. ع. ع"، في اشارة الى التجربة العسكرية الفاشلة التي أقدم عليها العرب في القاهرة عام 1965 بقيادة الفريق اركان حرب علي علي عامر.

واين موقع لبنان من هذه القوة المنتظرة؟

يرد بري انه يؤيد الدخول فيها والانضمام اليها "إذا كانت مهماتها التصدي للجماعات الارهابية والتكفيرية ومواجهتها والتصدي لاعتداءات اسرائيل واخطارها اليومية".