بين معالي الوزير وسعادة النائب وسعادة المستشار وحضرة الزميل، ربما الأحب إلى قلب نهاد المشنوق سماع اللقب الرابع أي حضرة الزميل، لأنَّه خارطة طريقه إلى المسؤوليات الثلاث. فإبنُ البيت السياسي والإعلامي العريق جَمَع مجد الشأن العام من طرفيْه الإثنين:

الإعلام والسياسة، والجامعُ بينهما لسانٌ طليق وقلمٌ رشيق وعقلٌ مرتَّب، وإنْ كانت ظروفه لا تتيح له، في أحيانٍ كثيرة أن يكون الأربعة في آنٍ واحد.

***

السياسة أخذت نهاد المشنوق من الصحافة، فانقطع عنها ليضع كلَّ ثقله في وزارة الحقائب السبع، فوزارة الداخلية ليست مجرد حقيبة سيادية إنَّها وزارة حقائب:

الإنتخابات النيابية والسجون والهوية والجوازات والسير، والأهمُّ من كلِّ ذلك الأمن والإرهاب. يحمل نهاد المشنوق هذه المهام بتوازنٍ دقيق، لكن مع ذلك فإنَّ هذا التوازن يختلُّ أحياناً.

***

إنه وزير الخطة الأمنيَّة:

من طرابلس إلى صيدا إلى بيروت إلى البقاع، وصولاً إلى بريتال، باشر وزير الداخلية مهامه بأكثر الملفات تعقيداً:

تثبيت الأمن ومواجهة الإرهاب، لم يتطلَّع إلى الوراء ولم يُجرِ الحسابات السياسية، وبلغ به الإقدام حدَّ إنهاء الوضع الشاذ في سجن روميه، وهو وضعٌ لم يكن أحدٌ ليجرؤ على فتح ملفه لِما يتضمَّنه من مخاوف وتهديدات.

وكما غامر بالذهاب إلى سجن روميه، هكذا غامر بالذهاب إلى طرابلس وبريتال وصيدا والضاحية الجنوبية، ليُثبت فعلاً لا قولاً أنَّ لا مناطق مقفلة في لبنان وأنَّ المربعات الأمنية إلى زوال.

***

ومن باب الحِرص على نجاحِهِ، نقول إنَّ وزير الداخلية إنصرف إلى الأمور الكبرى والإستراتيجية، فلا بد، من باب أولَى التلفُّت إلى أمورٍ قد لا تكون كبرى بالمعنى الإستراتيجي، لكنها إستراتيجية بالنسبة إلى المواطن، ومن هذه الأمور:

قضية ازدحام السير، طبعاً ليس المطلوب من الوزير المشنوق إجتراح العجائب لمعالجة قضيةٍ مرَّ عليها عقود من الزمن، لكنه قادرٌ على التخفيف من حدَّتها من خلال هذا التراخي في بعض التدابير على الأوتوسترادات، حيث السلطة في أحيان كثيرة لمواقف الأفران والمحلات التجارية التي تحوَّل جزءٌ من أرصفتها إلى مواقفٍ للسيارات، فهل يُعقَل أن يتوقف السير أو يتعرقل لأنَّ محلاً أو فرناً يتوقف أمامه زبونٌ من أجل منقوشة أو شراء قنينة مياه؟

كم تُكلِّف جولة من بيروت في اتجاه الشمال أو من بيروت في اتجاه الجنوب لوضع حدٍّ لهذه الآفة من المخالفات التي تحرق أعصاب الناس؟

يُقال إن التراخي ليس على مستوى عالٍ بل على مستوى مَن هُم على الأرض أحياناً، أليس هذا التراخي حصل ما يشبهه في سجن روميه؟

فلو لم يتَّخذ الوزير المشنوق القرار الشجاع بالنسبة إلى سجن روميه، ألم يكن الفلتان قد تعمَّم؟

***

وما ينطبق على التراخي على الطرقات، ينطبق أيضاً على ورش البناء، ألم يحن الوقت لتطبيق قرار منع قوى الأمن الداخلي من إرتياد ورش البناء؟

فأيُّ شغلٍ لهم في الورش؟

ومَن نصَّبهم خبراء مساحة وتنظيم مدني؟

بالتأكيد لا يرضى وزير الداخلية بهذه الآفات، وهو قادرٌ على وضعِ حدٍّ لها، فمَن يُسقِط قلعة روميه حجراً حجراً، قادر على إسقاط قلاع المخالفين على الأوتوسترادات.