في ظلّ الجهود التي يقوم بها وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​، منذ توليه الحقيبة الوزارية، على صعيد مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الداخلي، عبر فتح أبواب الحوار مع باقي الأفرقاء في الوطن، بات الرجل عرضة لحملة واسعة تضم البعض من أبناء البيت الواحد، لا سيما الفريق الذي يسعى لعرقلة الحوار القائم بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" بأي شكل من الأشكال، إلا أن الأخطر هو الكلام، الذي يقال في بعض الأروقة، عن العمليات التي تقوم بها قوى الأمن الداخلي على صعيد توقيف المطلوبين في قضايا الإرهاب، لأن سهامه تصل إلى المشنوق مباشرة، من خلال تصويره كـ"منفذ لرغبات الحزب".

بعد العملية التي قامت بها الأجهزة الأمنية في مدينة طرابلس، في منتصف الإسبوع المنصرم، والتي أدت إلى مقتل الإرهابي الفار من وجه العدالة أسامة منصور وتوقيف الإرهابي الآخر خالد حبلص، عادت هذه الأصوات إلى الواجهة من جديد، ظناً منها بأن الأجواء المتوترة على خلفية الأحداث اليمنية، من الممكن أن تكون بوابة لعودة اللغة السابقة، لكن على ما يبدو أرادت أولاً التصويب على وزير الداخلية والبلديات، من خلال إنتقادها أداء الأجهزة الأمنية ومحاولة الإيحاء بأنها تكيل بمكيالين بالتعامل مع المطلوبين.

في هذا السياق، تؤكد مصادر نيابية في كتلة "المستقبل" هذه الأجواء، حيث تشير إلى أن البعض من أجل الكسب على الصعيد الشعبي يلعب بأخطر الأوراق، لكنها تشير إلى أن الرد الواضح عليه جاء على لسان رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، الذي حرص خلال إستقباله المشنوق، في دارته بالعاصمة السعودية الرياض، على تأكيد دعمه الإنجازات التي تقوم بها قوى الأمن الداخلي، وتلفت إلى أن هذا الموقف من قبل زعيم تيار "المستقبل" يعني من الناحية العملية "تغطية" لما يقوم به المشنوق على أرض الواقع، خصوصاً أن التجربة أثبتت أن التيار هو المتضرر الأول من دعم الخطاب المتطرف، لا سيما أن جمهوره بات يرفض الوجوه التي كانت تلعب على هذا الوتر في الفترة السابقة.

بالإضافة إلى ذلك، تشدد هذه المصادر على أن ما يقوم به وزير الداخلية ليس بعيداً عن أجواء السعودية، خصوصاً أن الرجل بات يتمتع بمكانة عالية بعد التغييرات التي حصلت، على خلفية رحيل الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، وتلفت إلى أن المقصود بشكل واضح هو العلاقة الممتازة التي تربطه بولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، الذي يصنف من قبل الكثيرين اليوم بـ"الرجل الأقوى في المملكة"، وترى أن من غير الممكن السماح بأن يكون هدفاً لدى البعض، لا سيما ممن هو محسوب على "المستقبل" نفسه، وتشدد على أن المواقف التي صدرت بعد العملية الأمنية لا يمكن التغاضي عنها خصوصاً تلك التحريضية.

على الرغم من ذلك، توضح المصادر النيابية في كتلة "المستقبل"، لـ"النشرة"، أن ما حصل ليس بالأمر الجديد، حيث تلفت إلى أنها قائمة منذ أشهر طويلة، إلا أنها تؤكد أن التوجه العام في التيار هو التهدئة والحوار، وتشير إلى أن مكافحة الإرهاب أولوية لدى القيادة، على الرغم من التوتر القائم راهنا، نتيجة التصعيد الحاصل بين طهران والرياض، وتوضح أن السعي إلى المحافظة على الهدوء النسبي من خلال الحوار القائم مع "حزب الله" مستمر في الوقت الحالي، ولا تراجع عنه مهما كان الثمن، حيث القرار الدولي والإقليمي الحاسم يدعم هذا التوجه بما لا يقبل الشك.

في المحصلة، لا يبدو أن هناك من تداعيات لما يقوم وزير الداخلية والبلديات، سواء كان ذلك على صعيد مهامه الوزارية أو دوره السياسي في العلاقة مع "حزب الله"، حيث دعم السعودية والحريري واضح جداً.