شارك لبنان للمرة الأولى في رعاية بيان في مجلس حقوق الانسان عن دعم حقوق المسيحيين والمجموعات الأخرى، وخصوصاً في الشرق الأوسط. وكانت البعثة الروسية قد اقترحت في الدورة العادية لمجلس حقوق الانسان الذي عقد في الثاني من آذار الماضي مسودة بيان مشترك ترعاه موسكو وبيروت والفاتيكان حول وضع المسيحيين في الشرق الأوسط، وهو آلية من آليات المجلس تقدمه عادة دولة أو أكثر، وتنضم اليه الدول وفق اعتباراتها، فيصبح بذلك وثيقة رسمية.

وكان الاقتراح قد نوقش بين وزيري الخارجية والمغتربين جبران باسيل ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وألقى كل منهما مداخلة في الجزء الرفيع المستوى من اجتماع الدورة العادية الـ28 للمجلس. غادر باسيل جنيف، فيما تولت مندوبة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة في جنيف السفيرة نجلا رياشي عساكر استكمال الاتصالات، فكثفتها مع البعثتين الرسميتين لكل من الفاتيكان وروسيا. وقد أكدت الأولى عدم مشاركتها في تنظيم الحدث الجانبي، بسبب توتر العلاقات بين روسيا والاتحاد الاوروبي نتيجة الوضع في أوكرانيا. غير أن البعثة تلك تجاوبت مع اصرار السفيرة عساكر على رعاية البيان، بعدما اقنعت المندوب البابوي بأن الكرسي الرسولي يجب ان يشارك، لكونه يمثل رمزاً مسيحياً مهماً. وتم التفاهم على التنسيق معه تمهيداً للتوافق على مسودة أولية تنطلق منها مع البعثة الروسية، بحيث لا تتضمن تأويلات قد تستخدم في السياسة.

كذلك اقترحت عساكر ادخال تعديل على العنوان الذي كانت وضعته البعثة الروسية، فبعدما كان "PROTECTION OF CHRISTHIANS IN THE MIDDLE EAST"، أصبح النص اللبناني المعدل كالآتي:

"SUPPOTING THE HUMAN RIGHTS OF CHRISTIANS, AND OTHER COMMUNITIES PARTICULARY IN THE MIDDLE EAST".

الهدف من هذا التعديل هو تجنب الحساسية التي تشكلها كلمة حماية لكثير من الدول، والاشارة الى ان الضرر الكبير الذي يصيب المسيحيين في الشرق الاوسط ليس محصوراً فقط بهم، بل يشمل طوائف أخرى في الشرق الأوسط. وأدخلت عساكر تعديلات بالتعاون مع بعثة الفاتيكان على الكثير من العبارات التي قد يساء تفسيرها في اتجاه سياسي معين، وذلك بغرض حضّ أكبر عدد ممكن من الدول على تأييد البيان وتوقيعه.

وأشارت المعلومات الواردة من جنيف الى أن عساكر التي توافقت مع مندوبي روسيا والفاتيكان على جميع التعديلات في البيان، واجهت مشكلة لترويجه بسبب التوتر بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية من جهة، وروسيا من جهة أخرى، ولم يقبل الفكرة لا الدول العربية ولا دول المنظمة الاسلامية.

لم تستسلم مندوبة لبنان في جنيف للأجواء غير المشجعة التي سادت مقرّ المجلس، فاقترحت بعد مشاورات مكثفة ان تلقي هي البيان، نظراً الى ما يمثله لبنان في مكوناته.

وفي المعلومات من جنيف أن عساكر تلت البيان باسم لبنان وروسيا والفاتيكان، فأيده مندوبو 67 دولة. وانضمت الولايات المتحدة الاميركية وكل الدول الاوروبية تقريباً من بينها فرنسا، المانيا، بريطانيا، سويسرا، نروج، بلجيكا، اسبانيا، كندا، اوستراليا، اليابان والعديد من الدول الافريقية واميركا اللاتينية. اما من الدول العربية فاقتصر على العراق وسوريا.

وجاء في المعلومات ان هذا التأييد للبيان شكّل نجاحاً لافتاً تحدث عنه مندوبو الدول لدى المجلس، على الرغم من الأزمة مع روسيا.