يُرجّح أن تنسحب حالة الستاتيكو السياسي والأمني التي تشهدها البلاد منذ تشكيل حكومة تمام سلام الحالية حتى مطلع شهر تموز المقبل بالرغم من كل الصراخ الداخلي والذي بلغ أخيرًا مستوياتٍ غير مسبوقة بانعكاسٍ مباشرٍ للاشتباك السعودي–الايراني الذي لم يكن يومًا بهذه الحدّة وبشكلٍ مباشرٍ كالذي هو فيه اليوم.

ولعلّ نجاح لبنان بالاكتفاء باستيعاب صراخ حلفاء ايران والسعودية في هذه المرحلة من دون الانجرار الى كباش داخلي أمني، أكبر دليل على متانة هذا الستاتيكو الذي تحرسه الولايات المتحدة الأميركية والذي كان لينهار لولا ذلك بمجرد توتر العلاقة بين البلدين السابق ذكرهما فكيف في حال وصول الأمور بينهما الى الحرب المباشرة على أراض مختلفة.

وتتوقع مصادر مطلعة أن يستمر شدّ الحبال في لبنان سياسيًا أو أمنيًا حتى مطلع شهر تموز المقبل، تاريخ اقفال الملف النووي، "فاما تنتهي الأمور وكما هو مخطط لها بتوقيع جملة من الصفقات يكون لبنان صفقة صغيرة من ضمنها، أو تتدهور الأمور فنذهب باتجاه مواجهة عسكرية كبيرة يكون لبنان أحد مسارحها".

والمطلوب من القادة اللبنانيين حتى حينها الابقاء على نفسهم الطويل، اذ تشير المصادر الى ان "أي خطأ استراتيجي كبير سيكون له بالمرصاد نموذج شبيه بالسابع من أيار يفرض مواجهات داخلية تؤسس لاتفاق لا يأتي على البارد".

وتوضح المصادر أن سببين رئيسيين يحولان دون انفلات الأمور أمنيا، "الاول ضعف حلفاء السعودية ميدانيا وبالتالي عدم تكافؤ القوى، أما السبب الثاني فقرار أميركي بعدم التفجير ينطلق من الوقائع التي يفرضها السبب الأول اضافة الى مصالح أميركية شتى بالحفاظ على استقرار لبنان وابعاد الارهاب عن البحر الأبيض المتوسط".

وبالرغم من كل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأميركية للحفاظ على هذا الستاتيكو الا أنّها قد تجد نفسها عاجزة في حال قرر فريق 8 آذار العبث به سياسيًّا، في وقت يضغط فيه رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون حاليا على حلفائه لمجاراته بالتلويح بالاستقالة من الحكومة في حال الاصرار على التمديد لقادة الأجهزة الأمنية وعلى رأسهم قائد الجيش جان قهوجي.

وتماما كوضع الحكومة الهش، فان وضع الحوار المستمر بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" يبدو أكثر اهتزازًا وهشاشة مع امكانية اعلان تعليقه في اي لحظة بالرغم من الجهود الجبارة التي يبذلها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، عرّاب هذا الحوار، لمنع ذلك. الا أنّه وبعدما وجد نفسه عاجزا أمام حدة الصراخ الذي يطلقه الطرفان، بات يستعد للتأقلم مع مرحلة جديدة من التأزيم السياسي.

بالمحصلة، تبدو التعقيدات هي الطاغية على المشهد العام اللبناني، ولعل جمع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سفراء الدول الكبرى لطلب مساعدتهم بوضع حدّ للشغور الرئاسي، أكبر دليل على العجز الذي بات متمكنا من الطبقة السياسية الحاكمة التي رهنت نفسها وباعت مصلحة الوطن للاعبين اقليميين يتقنون استخدام الساحة اللبنانية في حروبهم الكبيرة.