في البلد اليوم عواصف من كلِّ الأنواع:

سياسية عالية النبرة في كلِّ الأحيان، أمنيَّة في بعض الأحيان، وإقتصادية دائماً.

البلد ينحدر سلبياً، ويبدو أنَّ إنعكاسات حروب المنطقة وتطوراتها تُقبل علينا بسرعةٍ قياسية، فالأجواء السياسية غير ملائمة وغير مشجعة، والأجواء الأمنية هبَّةٌ باردة وهبَّة ساخنة والأجواء الإقتصادية حدث ولا حرج لكنَّ الصمود واجبٌ وطني.

ليس في البلد سر وليس هناك ما يمكن إخفاؤه، فعلى رغم كل التحذيرات من تمدد الحروب إلى لبنان، يبدو أن هذه الحروب تسير بخطى ثابتة إليه، فهل تنفع المساعي في التهدئة؟

***

الرئيس سعد الحريري يبدو حريصاً، على رغم كلِّ التصعيد، على التهدئة، فهو قال في تغريدات متلاحقة:

إن التصعيد المتواصل لن يستدرجنا إلى مواقف تُخِلُّ بقواعد الحوار والسلم الأهلي، إنَّ المسؤولية تفرض علينا عدم الإنجرار وراء ردود أفعال مماثلة، إننا أمناء على درء الفتنة عن لبنان.

كلامٌ مطمئنٌ على رغم الخطب العالية النبرة، وهذا يعني أنَّ كلَّ شيءٍ يبقى تحت السقف المقبول، ولكن إلى متى؟

***

قد يُستَشفُّ بعض ملامح المرحلة المقبلة من نتائج الزيارة، التي يعتزم الرئيس سعد الحريري القيام بها إلى واشنطن مطلع هذا الأسبوع، ولقائه نائب الرئيس الأميركي أوباما، جو بايدن. الزيارة هذه المرة تحمل طابعَيْن:

لبناني وخارجي، إذا صحَّ التعبير. ففي الموضوع اللبناني، ليس أفضل من واشنطن لاستكشاف المرحلة، ولا سيما في الملفات المتعلقة بالإستحقاق الرئاسي اللبناني، صحيح أنه بالإمكان أن لا يكون هناك جواب، لكنَّ الصحيح أيضاً أنَّ واشنطن تملك أيضاً توقيت التأجيل وهي تعرف إلى متى يمكن أن يمتد، وهذا اللغز يمكن أن يفكَّ شيفرته الرئيس الحريري في هذه الزيارة.

***

كما أنَّ زيارة هذا الأسبوع للرئيس الحريري، تأتي في توقيت بالغ الأهمية عربياً ودولياً. فعلى المستوى العربي تدخل حرب اليمن أسبوعها الرابع من دون أن يظهر في الأفق ما يشير إلى أنَّ نهاياتها قريبة، وعلى المستوى الدولي، هناك المرحلة الثانية من مفاوضات جنيف التي تشير كلُّ التوقعات إلى أنها ربما تُعاوَد هذا الأسبوع.

إنطلاقاً من هذين المعطيين، فإنَّ البند اللبناني المتعلِّق بالإستحقاق الرئاسي لا يبدو أنه أولوية، كما أيضاً ليس على الصفحة الأولى في سجل الإهتمامات.

***

إذاً، بين عدم وجود لبنان في دائرة الأولويات، هل يمكن للوضع اللبناني أن يبقى محصَّناً؟

هذا السؤال ليس موجَّهاً إلى الخارج ولا إلى المواطنين اللبنانيين العاديين، بل إلى السياسيين اللبنانيين الذين يُفتَرض فيهم أن يأخذوا بعين الإعتبار أنَّ التدهور، إذا ما حصل، لا سمح الله، فإنه سيتحوَّل كبقعة الزيت لأنَّ ليس هناك في الوقت الراهن مَن يتلفَّت إلى لبنان، فهل مَن يرأف بالوطن والمواطن الذي يعيش كلَّ الأوضاع بصعوبةٍ بالغة؟