في حال كان أهالي الموقوفين الاسلاميين الذين اعتصموا أمام منزل وزير العدل ​أشرف ريفي​ قبل أيام للمطالبة باستقالة وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ على خلفية التمرد الذي شهده سجن رومية، يمتلكون نوايا سيئة أو أنّهم تصرفوا من دون النظر في أبعاد ما يقومون فيه فقرعوا أبواب الوزير الذي يعتبرونه الأقرب اليهم، فهم على كل الأحوال نجحوا باللعب على وتر الخلاف المحتدم بين صقري تيار "المستقبل" اللذين يتنافسان على رئاسة الحكومة المقبلة.

ويبدو أن الرجلين اقتنعا أن لكل منهما ملعبه وورقة "الجوكر" الخاصة به التي يعوّل عليها لترؤس أي حكومة مقبلة، فما عاد أي منهما يلتفت الى ملعب وجمهور الآخر بل يهتم بملعبه الخاص وجمهوره.

ولعل مضي المشنوق من دون أن يهتز له جفن بملف محاربة الارهاب ووضع حد لـ"امارة" سجن رومية أكبر دليل على أن وزير الداخلية الحالي لا يعوّل على الشارع الاسلامي كرافعة له تأتي به رئيسا للحكومة، بعكس ريفي الذي لا يزال يصر على التمايز بقربه من الاسلاميين ولا يتردد بالنظر لمطالبهم والاستماع لشكاوى أهاليهم.

ويستند وزير العدل على الاستياء العارم في صفوف جمهور تيار "المستقبل" من استمرار الحوار مع "حزب الله" على وقع السجال المتفجر على خلفية الملف اليمني، اذ تشير مصادر معنية الى وصول استياء جمهور "المستقبل" وخاصة في ​مدينة طرابلس​ الى مستويات غير مسبوقة، باعتباره لا ينفك عن ترداد عدم فهمه السبب الموجب لاستمرار الحوار بالرغم من التصعيد الحاد بين الطرفين الذي لا يدل الا على اختلافهما على كل الملفات دون استثناء.

ولا يعني وجود ملاحظات كثيرة للفريق الأزرق حول أداء قيادته، أنّه بات أقرب للاسلاميين، باعتبار ان هؤلاء أصلا "انكسرت شوكتهم" بعد الخطة الأمنية وما تلاها من توقيفات لقيادييهم، وآخر الانجازات مقتل الارهابي أسامة منصور والقاء القبض على الارهابي خالد حبلص. وتشير المصادر في هذا الاطار الى أن "الطرابلسيين لم يعودوا آبهين بأي من الأطراف لا المستقبل ولا الاسلاميين وكل ما يهمهم حاليا الحفاظ على الاستقرار الهشّ الذي تشهده مدينتهم". وتضيف: "هم لم يصدقوا بعد أن جولات القتال بين جبل محسن وباب التبانة ولّت الى غير رجعة، وبالتالي ليسوا بصدد التحيّز لأي فريق بوجه آخر لأنّهم وباختصار كما طرابلس منهكون تماما".

وبمقابل ورقة ريفي التي تبدو خاسرة، ترتفع أسهم المشنوق بشكل غير مسبوق، اذ لا يتردد أكثر من قيادي في "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" على حد سواء بالثناء على ما يقوم به من "انجازات" وعلى "شجاعته" بالمضي بمسار مكافحة الارهاب بالرغم من كل المطبّات التي قد يواجهها على الطريق.

بالمحصلة، قد يكون نهاد المشنوق بات مقبولا أكثر من رئيس تيار "المستقبل" ​سعد الحريري​ نفسه لدى فريق "8 آذار" وخاصة "حزب الله" لرئاسة الحكومة المقبلة، ولعله بات على الزعيم الشاب المغترب أن يدرك حجم الخسارة التي يتكبدها والتي يصرفها وزير الداخلية أرباحا تضاف الى رصيده وسجله لدى الفريق الخصم.