لم يكن المواطن محمد ابراهيم مراد من بلدة عيترون (50 سنة) آخر ضحايا ​القنابل العنقودية​ الاسرائيلية التي ادى انفجارها به منذ اسبوع الى بتر قدمه حينما وقع في حقل مليء بتلك القنابل التي باتت تشكل احتلالا اسرائيليا مدفونا في الارض.

ومن ضحايا القنابل العنقودية أيضًا حسين عمر الكويس (48 سنة) من النبطية، الذي استشهد أثناء عمله على تفكيك هذه القنابل في منطقة بنت جبيل، وهو من الذين كانوا ينقبون عن القنابل العنقودية الاسرائيلية في عيتا الجبل اثناء عمله ضمن فريق المساعدات النروجية الذي ما زال يعمل على تنظيف المناطق الموبوءة الملوثة بالقنابل والالغام الاسرائيلية في الجنوب تحت اشراف المركز اللبناني المعني بنزع تلك القنابل والالغام التي خلفتها اسرائيل في الجنوب اللبناني.

ضعف التمويل...

ويُعتبَر هذا الفريق من الفرق الاربعين فقط التي ما تزال تعمل الى اليوم في التنقيب عن القنابل الاسرائيلية، والتي تدنت الى هذا العدد مطلع العام 2011 بعدما كانت اثر الاندحار الاسرائيلي عن الجنوب 112 فرقة ومنظمة دولية، وذلك بسبب قلة التمويل الدولي من ​الدول المانحة​ واتجاه تلك الدول الى المناطق الاكثر سخونة من الناحية الامنية في سوريا والعراق واليمن وغيرها.

وقد أدّى ضعف التمويل من الدول المانحة لدعم عملية نزع الالغام الاسرائيلية من الجنوب إلى تقلص الفرق الى هذا الحد، حيث كان مقررا ان يتم الانتهاء من ازالة هذه المخلفات الاسرائيلية القاتلة من ارض الجنوب اللبناني مطلع العام 2016، الا ان ندرة التمويل لهذه العملية ادى الى تمديد الفترة بحسب ما تؤكد مصادر أمنية لـ"النشرة" الى مطلع العام 2020 وهو ما يعرض الجنوبيين في ارضهم لخطر الموت المتنقل بسبب انتشار الالاف من تلك القنابل المطمورة تحت التراب بسبب التغيرات المناخية والجغرافية.

ضحايا بالجملة..

هذا ويواظب ​الجيش اللبناني​ من خلال المركز اللبناني لنزع الالغام في النبطية وبالتعاون مع كتائب عديدة من اليونيفل والامم المتحدة على الاسراع في تخليص الجنوبيين من هذا النزف اليومي الذي يؤدي إلى ضحايا بالجملة، بلغوا 56 شهيدا و400 جريح جلهم من المزارعين لا سيما مزارعي التبغ، وبينهم ضباط وجنود من الجيش واليونيفل والسكان المحليين.

وبحسب المصادر، فإنّ هذا العدد مرشح للارتفاع، طالما ان اكثر من مليون قنبلة عنقودية ما تزال مزروعة في الجنوب ويقابلها 425 الف لغم من مخلفات الاحتلال والعدوان الاسرائيلي على لبنان وجنوبه، حيث تشير التقديرات الى أنّ هذه القنابل وتلك الالغام ما تزال تنتشر في المناطق القريبة من الخط الازرق في العرقوب وشبعا وكفرشوبا ومرجعيون وشمال نهر الليطاني، رغم ان الفرق المحلية والدولية انجزت ازالة اكثر من 5 ملايين قنبلة ولغم وقذيفة زرعتها إسرائيل في الاراضي الجنوبية.

أين ​الأمم المتحدة​؟

اليوم، وبعد مرور 15 سنة على الانسحاب الاسرائيلي من ​جنوب لبنان​ في ايار 2000، فان الجهود منصبة على مضاعفة العمل من قبل الدولة اللبنانية والامم المتحدة لاستكمال ازالة هذا الكابوس الذي يضغط على صدر الوطن وهذا يكون من خلال دعم الجهود الوطنية لازالة الالغام والقنابل الاسرائيلية وحصول لبنان على المزيد من الخرائط للاماكن التي زرعتها اسرائيل بالالغام والقنابل الفتاكة لان ما قدمته للبنان من خرائط من خلال الامم المتحدة قليل بحجم الاراض الملوثة بهذا الخطر الاسرائيلي الفتاك.

وفي هذا السياق، يشدّد عضو كتلة "التحرير والتنمية" النائب ​ياسين جابر​ على وجوب أن تضغط الأمم المتحدة على إسرائيل لتسليمها الخرائط للاماكن التي زرعتها بالالغام والقنابل العنقودية في عدوانها على لبنان في تموز 2006.

ويوضح جابر، في حديث لـ"النشرة"، أنّ ما سلمته اسرائيل الى اليونيفل من خرائط حتى الان غير كاف وعديم الجدوى ويفتقد الى الدقة لا بل هو لاماكن وهمية غير تلك المناطق التي القت عليها اسرائيل في عدوانها في تموز 2006 اكثر من خمسة ملايين قنبلة عنقودية، معتبرا ان تلك القنابل لا تزال تشكل احتلالا مدفونا في الارض، تعوق عملية التنمية وعمل المزارعين وتقف عائقا امام وصولهم الى اراضيهم لاستثمارها.

الجيش حامي الوطن..

ويشير جابر إلى ان ما تم ازالته حتى الان من قنابل عنقودية هو قليل جدا مع حجم ما القته الطائرات الحربية الاسرائيلية على الجنوب والبقاع الغربي الامر الذي يستدعي تضافر الجهود المحلية والدولية لاستكمال تنظيف الاراضي من هذه القنابل وهذا يتطلب من الدول المانحة ومن الامم المتحدة رفع مستوى التمويل لعملية ازالة هذه القنابل.

وينوه النائب جابر بالدور الذي يؤديه الجيش اللبناني من خلال المركز اللبناني للاعمال المتعلقة بالالغام حيث قدم العديد من الضباط والجنود شهداء خلال عملهم في نزع الالغام وتنظيف الحقول الجنوبية من القنابل العنقودية الاسرائيلية كما اصيب له عدد اخر من الجنود بجروح خلال عملهم في تنظيف الحقول من الالغام والقنابل الاسرائيلية، ويحيّي الجيش الذي يبقى حامي الوطن والمدافع عنه وعن حدوده وعن سلمه الاهلي وعن الوحدة الوطنية ويبرز دوره في كل المجالات الوطنية، كما يشيد أيضًا بدور الفرق المحلية والعالمية واليونيفل الذين يعملون في عملية تنظيف البلدات الجنوبية من الالغام والقنابل العنقودية الاسرائيلية التي توازي خطر اسرائيل في عدوانها على لبنان.