لا يرى سياسيون كثر رئيساً جديداً للجمهورية في المدى المنظور في ظل جملة الاعتبارات التي تعيق حصول هذه الانتخابات ولا سيما منها الاعتبارات الاقليمية خصوصا بعدما تفاقم الصراع السني – الشيعي الذي تفجر اخيرا على نحو مكشوف في موضوع اليمن بين كل من المملكة العربية السعودية وايران على نحو بات يخشى كثر ان تكون الرئاسة غدت مستحيلة في ظل هذا الوضع فضلا عن الاولويات الملحة في المنطقة التي تضع موضوع الرئاسة اللبنانية ولبنان ككل على رف الانتظار. الا ان مصادر سياسية لا تزال ترى الاحتمال ممكنا او بالاحرى غير مستبعد ربطا بالتوصل الى اتفاق نهائي في الملف النووي الايراني في نهاية حزيران المقبل على غرار ما ساد من انطباعات منذ بدء الشغور في موقع الرئاسة الاولى اي انه بات مرتبطا بالحل النهائي للملف النووي . فعلى رغم التصعيد في المواقف الذي حصل في المدة الفاصلة بين التوصل الى اتفاق اطار في 2 نيسان الجاري واستئناف المفاوضات من جديد بالامس في ظل تمايز في تفسير ما تم الاتفاق عليه وما اعلن، يعود زوار للعاصمة الاميركية بانطباعات ان الاتفاق النووي مع ايران مرجح حصوله على رغم القيود التي فرضها الكونغرس الاميركي في ظل ترجيحات بان ليس الرئيس باراك اوباما من يحتاج اليه وحده كارث سياسي لولايتيه كرئيس فحسب بل ان التطورات الاخيرة في ايران اظهرت حاجة مماثلة للاتفاق ليس بناء على طبيعة التهليل الذي رافق الترحيب بالاتفاق الاطار الذي تم التوصل اليه مطلع هذا الشهر فحسب بل بناء على جملة معطيات ليس اقلها التحديات الاقتصادية امام ايران.

فالمراقبون للوضع الايراني يلحظون تزايد الاحتجاجات المطلبية التي باتت تضغط بقوة ما يؤثر بقوة على موقف القرار الايراني في المفاوضات كما يتم تناقل معلومات مفادها عدم تلبيتهم طلب حليفهم الرئيس السوري الى كميات كبيرة من الاموال لم تلبها ايران سوى بالقدر اليسير جدا والذي سار في موازاة تراجع الاندفاعات الايرانية وفشلها في مناطق عدة في سوريا ما ترك الباب مفتوحا على تكهنات لها سياق آخر. الا ان المغزى ان الاتفاق الذي يظهر انه حاجة للطرفين وان المفاوضات التي ستجرى خلال الشهرين المقبلين ستدور حول آلية رفع العقوبات عن طهران وبرنامجها بات يخضع لاعتبارات مختلفة في ضوء التطورات التي حصلت في اليمن وان كباشا حقيقيا سيحصل خلال الشهرين المقبلين من اجل محاولة التأثير في مجريات الاتفاق على غرار ما اثر موضوع اليمن اخيرا من اجل الحصول على اقصى ما يمكن خصوصا بعدما اظهرت الدول العربية قدرتها على ان تكون لاعباً يرغب في ان يقطف ثماراً ايجابية من الاتفاق وليست ثمارًا سلبية فحسب.

إذ يعتقد بعض المصادر ان ملف اليمن الذي قامت في ظله عملية عسكرية عربية بقيادة سعودية شكل تحديا لإيران التي جهدت في ابعاد اي من ملفات المنطقة عن جدول مفاوضاتها حول الملف النووي طيلة زمن المفاوضات في موازاة سعيها الى توسيع نفوذها في دول المنطقة فأتى هذا الملف في المرحلة الاخيرة ليضع شروطا مختلفة قضت بان تكون ملفات المنطقة جزءا لا يتجزأ من الملف النووي. فبين القيود التي فرضها الكونغرس على الرئيس الاميركي بعد تمنع واضطرار الرئيس الى الرضوخ وبين عملية اليمن التي جيشت جهدا وقرارا دوليا لمنع السيطرة الايرانية في اليمن بحيث بات يتعين على ايران ان تظهر حسن نيتها في المساهمة في وقف القتال منعا لسقوط المزيد من القتلى كما شكت في اعتراضها على العملية العسكرية، تعتقد المصادر المعنية ان شروطا جديدة دخلت على آلية رفع العقوبات في ما خص تنفيذ شروط او بنود الملف النووي. ذلك ان الكونغرس الاميركي كما حلفاء اميركا في المنطقة يضغطون في ظل عدم الثقة بايران من اجل عدم رفع فوري للعقوبات فيما باتت الانظار مسلطة في الوقت نفسه على توسع لإيران في المنطقة كان تم غض النظر عنه من الاميركيين في وقت سابق من اجل تأمين استمرارية المفاوضات.

وترجح المصادر المعنية ان يكون موضوع الحصول على تعهدات مضمونة من ايران بتعاون بناء في ملفات المنطقة والتثبت من ذلك قبل رفع العقوبات كليا عن ايران احد ابرز بنود المحادثات التي ستجريها دول مجلس التعاون الخليجي مع الرئيس الاميركي في كامب ديفيد وواشنطن في 13 و14 الشهر المقبل لجهة التشديد على ربط رفع تدريجي للعقوبات ليس فقط بالتزامها تنفيذ ما يتصل بملفها النووي بل ايضا بادائها في المنطقة . وهو امر قد لا ينجح لعدم اقتناع الرئيس الاميركي اصلا بذلك لكن موقف الكونغرس وشد الحبال القائم على هذا الصعيد ربما يساعد في هذا الاتجاه. ومن هذه الزاوية بالذات من غير المستبعد اذا كانت الضغوط قوية على ايران في هذا الاتجاه ان تظهر حسن نية وتعاونا في اليمن بناء على توازن قوى بات صعبا عليها في ظل الحرب السعودية المستمرة وقرار دولي في غير مصلحة القوة التي تدعمها في اليمن. كما من غير المستبعد ان تظهر حسن نية في موضوع رئاسة الجمهورية الذي لا يكلفها في الواقع الكثير على ما قد تكون عليه الحال في سوريا مثلا فتبيعه على انه مؤشر على تعاونها ومساهمتها ايجابا في ملفات المنطقة في حال تعين عليها ان تعطي دليلا على تعاطيها الايجابي في المرحلة المقبلة بما يشجع الاميركيين على رفع العقوبات بدعم من حلفائهم في المنطقة.