«لاول مرة في حياتي أدعو الى التظاهر وهذه الدعوة ضرورية بعدما تكاثرت أضرار معمل الذوق على نحو سرطاني مخيف»، الكلام لرئيس بلدية ذوق مكايل نهاد نوفل المتسلح بصور التقطت يومياً لمداخن المعمل وتظهر السحب السوداء الكثيفة المنبعثة منها، في المقابل تقول مؤسسة كهرباء لبنان انها نجحت في تخفيض انبعاثات معمل الذوق بنسب كبيرة بحيث باتت مطابقة للمعايير البيئية اللبنانية !

«سنكون على موعد في 25 نيسان 2015، مع وقفة غضب سلمي احتجاجا على سرطان الموت المنبعث من دواخين معمل الذوق، حيث تنظم تظاهرة اليوم السبت، تبدأ بتجمع عند الساعة الثانية بعد الظهر في القصر البلدي، وبعد مؤتمر صحافي يعقده رئيس بلدية ذوق مكايل المحامي نهاد نوفل، ثم ينطلق الجميع من القصر البلدي الى الاوتوستراد للتجمع في المكان المعروف بالسنديانة، حيث سيُقفَل الاوتوستراد نصف ساعة بين الثالثة والثالثة والنصف، ثم تتوجه التظاهرة الى معمل الذوق».

الدعوة التي نشرت على نطاق واسع على طول الاوتستراد بين الذوق وجونيه دعت اليها بلدية زوق مكايل واتحاد بلديات كسروان الفتوح واهالي المنطقة، وهي تحظى بدعم سياسي واضح من حزب «القوات اللبنانية»، اذ اعلن منسّق منطقة كسروان الفتوح في “القوات اللبنانية” جوزيف خليل خليل ان «ما دفعنا للتحرّك بجديّة كون القضيّة محقّة وتتخطى السياسة، ولأنّ المعمل أداة للموت وبمثابة ارهاب داخليّ، ولن تكون المطالبة لمرة واحدة بل حملة مستمرّة، لأنّ توسيع المعمل بالشروط القديمة نفسها غير مسموح بها علينا أن نطالب سلميا ونرفع الصّوت عالياً».

يحظى التحرك ايضا بدعم من نقابة اطباء لبنان بشخص النقيب البروفسور أنطوان البستاني، حيث وجه النقيب كتاباً الى بلدية زوق مكايل يؤيد مواقف بلدية ويدعو الى الحد من «مخاطر التلوث والاضرار الصحية المحدقة في دائرة تراوح بين 15 و20 كلم والناجمة عن سحب الدخان السوداء المتصاعدة من معمل الذوق الحراري نتيجة عدم وجود فيلتر في دواخينه، والذي يتسبب بالامراض الصدرية على أنواعها وضيق التنفس وأمراض الربو وأمراض الجلد والعيون وامراض الاطفال وعلى المدى البعيد الامراض السرطانية «. وخلص بيان نقيب الاطباء الى وجوب التحرك «بصورة عاجلة واتخاذ التدابير السريعة لدرء مخاطر هذا التلوث الذي يلحق بالبشر والجماد والبيئة بصورة عامة، وذلك بوضع فيلترات أو استبدال الفيول أويل بالغاز وحسن صيانة المحركات والمحارق قبل أن يتفاقم الوضع وتزداد المشاكل الصحية».

عشرات الصور وشرائط الفيديو تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي لمدخنتي معمل الذوق الشهيرتين مع توثيق لتاريخ وساعة التقاط الصور وجميعها حديثة تعود الى اقل من اسبوعين، وتظهر سحب دخان كثيفة منبعثة من المعمل.

في المقابل اعلنت مؤسسة كهرباء لبنان استغرابها للحملة المفاجئة ضد معمل الذوق الحراري، وذلك تحت شعار التلوث الناجم عن المعمل، وخصوصا أنها تأتي دون أي مراجعة للمؤسسة من قبل مطلقيها للاطلاع على الإجراءات المتخذة لمعالجة مشكلة التلوث أو لتقديم اقتراحات علمية وواقعية بهذا الشأن، كما أن هذه الحملة تأتي بعد نجاح المؤسسة في تخفيض انبعاثات معمل الذوق بنسب كبيرة، بحيث باتت مطابقة للمعايير البيئية اللبنانية (وزارة البيئة) ومعايير البنك الدولي، وذلك من خلال المباشرة منذ كانون الأول 2012 بتجهيز مجموعات الإنتاج في المعمل بوحدات معالجة تضخ مواد كيميائية لمعالجة الفيول اويل من أجل تخفيض هذه الانبعاثات.

توضح مؤسسة كهرباء لبنان أن أعطالا مرحلية تطرأ بسبب قدم المجموعات، مما يسبب انبعاثات مرحلية تُرى من بعيد ويجري التعامل معها بسرعة لمعالجتها. ومن المرتقب السيطرة تدريجيا على هذه الأعطال في المستقبل القريب بعد إجراء الصيانة العامة والتأهيل للمجموعات التي يجري الإعداد لها. علما أن عملية المعالجة لا تزال معطلة بسبب عدم تلزيم إعادة تأهيل معملي الذوق والجية من قبل مجلس الإنماء والاعمار. ولقد اوصت لجنة الطاقة النيابية ان تتخذ الحكومة «قرارا بأحد الخيارين اللذين وضعهما مجلس الانماء والاعمار للتاهيل: إما اعادة اجراء المناقصة بالنسبة الى المجموعة الاولى في معمل الذوق والمجموعة الثالثة في معمل الجيه، أي الوحدات الانتاجية 3 و4 و5 بعدما توقف العمل في تأهيل وحدتين انتاجيتين في معمل الجيه، او صرف النظر عن التأهيل الشامل في الذوق والجيه والاكتفاء ببعض اعمال التأهيل الضرورية لتجربها مؤسسة الكهرباء، على ان تبدأ الاستعدادات لتلزيم معملين جديدين يحلان محل هذين المعملين».

وكانت وزارة الطاقة قد أنهت عام المناقصة العائدة لتلزيم معملي الكهرباء في الذوق والجية بقوة 272 ميغاوات، وبكلفة حوالى 350 مليون دولار، بعدما كان مجلس الوزراء قد وافق عليها ثم ديوان المحاسبة. وفازت شركة «مان» بالمشاركة مع الشركة الدنمركية BWSC في المناقصة على ان تقوم بتركيب المعملين في فترة 15 شهراً و18 شهراً على التوالي. ولقد اوقفت وزارة المال في اذار دفع الفواتير المستحقة للمشروع، بحجة أن هناك تعديلاً بالعقد المبرم مع الشركة الدانماركية، الأمر الذي نفته وزارة الطاقة نفيًا قاطعًا.

قضية اخرى تعترض عليها بلدية ذوق مكايل هي استمرار العمل بمشروع انشاء وحدات الإنتاج الإضافية العاملة على المحركات العكسية التي يجري تركيبها حاليا في الذوق والجية بجوار المعملين الحاليين، علماً ان المجلس البلدي لم يوقع قرار الترخيص بانشاء هذه الوحدات. وتقول مؤسسة كهرباء لبنان إن دفتر الشروط يلزم الشركة الملتزمة التنفيذ وفقا للمعايير البيئية.، كما أن وزارة الطاقة والمياه ستقوم قريبا بتلزيم دراسة الأثر البيئي للوحدات الجديدة عملا بالمرسوم الرقم 8633 «أصول تقييم الأثر البيئي» الصادر بتاريخ 7/8/2012، علما ان المشروع المذكور من شأنه زيادة القدرة الإنتاجية 195 ميغاوات في الذوق و80 ميغاوات في الجية بما يؤمن نحو ثلاث ساعات تغذية إضافية، وهو يأتي تنفيذا للقانون 181 «برنامج معجّل لأشغال كهربائية لإنتاج 700 ميغاوات ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية» الذي أقرّه مجلس النواب بتاريخ 5/10/2011، ولقرار مجلس الوزراء الرقم 44 تاريخ 19/9/2012.

وتقول مؤسسة كهرباء لبنان ان المباشرة بتنفيذ مشروع التوسيع قانوني بالاستناد الى التعميم الرقم 9/2003 الصادر عن رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 1/4/2003 الذي يسمح بالمباشرة في تنفيذ اعمال البناء لمشاريع الأبنية الحكومية قبل الحصول على التراخيص المطلوبة شرط أن يجري تأمين هذه التراخيص قبل الانتهاء من أعمال البناء. وقد عمدت المؤسسة بتاريخ 4/3/2015 الى إبلاغ بلدية ذوق مكايل بأن الشركة المتعهدة باشرت إجراءات ختم الخرائط تمهيدا للحصول على رخصة البناء.

وحول الاعتراض على اداء الباخرتينن التركيتين في الذوق والجية، فتقول مؤسسة كهرباء لبنان انه قد جرى إنجاز تقييم الأثر البيئي بخصوصهما وإبلاغه الى وزارة البيئة ويجري الإعداد حاليا بالتعاون مع الوزارة المذكورة لإجراء المراجعة السنوية للأثر البيئي. وبذلك يكون المشروع مطابقا لجميع المعايير البيئية المطلوبة.

وحول مطالبة اهالي ذوق مكايل والبلدية بأن يجري تحويل العمل من الفيول اويل الى الغاز الطبيعي، فتربطه مؤسسة كهرباء لبنان بمشروع إنشاء الخط البري لنقل الغاز الطبيعي بطول 177 كلم من معمل دير عمار إلى معمل صور مرورا بمعمل الذوق، الذي من شأن تنفيذه، إضافة الى تحقيق وفر مالي ملحوظ، ان يخفف من الانبعاثات الملوثة في جميع معامل الإنتاج لدى تشغيلها على الغاز الطبيعي بدلا من الغاز اويل والفيول اويل.