لن يندهش رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون مما ستؤول اليه الأمور في ملف تعيين قادة جدد للأجهزة الأمنية، لجهة اصطفاف حلفائه الى جانب قوى "14 آذار" في تأييد مبدأ ​التمديد​ على حساب ضخ دم جديد في القيادات الأمنية... فالحلفاء الذين خذلوه مرارا وتكرارا في معاركه الطويلة ضد التمديد وآخرها معركة التمديد لمجلس النواب، لن يأبهوا لكونهم سيخذلونه مجدّدًا هذه المرة، باعتبار أنّهم سيذكّرونه بدعمهم المتواصل له لرئاسة الجمهورية.

ولعلّ موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي فتح النار على الرابية مهدّدًا بحلّ مجلس النواب ردا على اعلان تكتل "التغيير والاصلاح" ومعظم الكتل المسيحية عدم المشاركة بالجلسة التشريعية التي كان يُعِدّ لها، هو الأكثر وضوحًا وصراحة بين حلفاء عون، علمًا أن العلاقة التي تجمع الرجلين لم تكن يوما حلفًا وهي ظلت مبنية على قاعدة "حليف الحليف".

ولكن ما تستغربه مصادر معنيّة بالملف هو خروج بري ليهدد ويتوعد علما أن لا صلاحية له بحل المجلس لا من قريب أو من بعيد، باعتبار أنّ الأمر منوطٌ برئيس الجمهورية الذي يطلب من الحكومة حلّ المجلس، وهو ما دفع عون للتعميم على نوابه وقيادييه بعدم الرد المباشر على رئيس المجلس باعتبار أن ما يلوّح به لا يمكن أن يحصل ويبقى في خانة التصعيد السياسي لممارسة الضغوط على الكتل المسيحية ودفعها الى "تشريع الضرورة".

ولا يُتوقع أن تسوء علاقة بري بعون باعتبار أنّها لم تكن يوما علاقة متينة، الا أن الجنرال سيسعى راهنًا لاستيعاب كل ما يصدر عن الرئاسة الثانية تمسكا بترشيحه للرئاسة الأولى، ولعلمه بأن رأي بري ومساعيه تبقى أساسية في مسار الألف ميل الى قصر بعبدا.

أما رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، فهو الآخر لا يتردد بخذلان عون مرارا وتكرارا، فبعد أن أقدم وزير الدفاع المحسوب عليه حينها فايز غصن، على تمديد ولاية قائد الجيش في العام 2013، لم يتوان فرنجيّة عن السير بالتمديد لمجلس النواب مؤخرا، حتى أنّه يتحضر للمشاركة بأي جلسة تشريعية قد يدعو اليها بري غير آبه بالموقف الذي اتخذه تكتل عون، الذي من المفترض انّه يضم نواب فرنجية.

وكالعادة يعوّل عون على حليفه الاستراتيجي، "حزب الله"، الذي يبقى أكثر من يراعي خاطر الجنرال ويتفادى زعله. اليوم سيقف الحزب محرجا حين سيسأله عون عن موقفه النهائي لجهة السير معه في معركته ضد التمديد والسعي لايصال صهره قائد فوج المغاوير شامل روكز لقيادة الجيش... وتقر مصادر مطلعة بأنّ "المهمة لن تكون سهلة على الحزب خاصة وأن اهتماماته حاليا ليست محلية على الاطلاق وهي تتخطى الحدود الى سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول".

وفيما ترجح المصادر فرضية التمديد، لا يبدو أن الحزب يمتلك حتى الساعة أي أسباب موجبة يقدمها لعون سوى حرصه على الاستقرار الداخلي ووجوب الابتعاد عن المواجهة باعتبار أن النار تحت الرماد ولا تحتاج الا لفتيل صغير يشعلها.

ويُدرك "حزب الله" ويُقر بحق العماد عون بممارسة أقصى درجات التصعيد بمعركته ضد التمديد، الا أنّه مقتنع أيضا بأن معركته الرئاسية تكبّل يديه حاليا، فهو ليس حرا بحركته ولا بتعاطيه مع باقي الفرقاء بحيث يجد نفسه مجبرا على مراعاة خواطرهم لجذبهم الى صفه في ​الانتخابات الرئاسية​.

بالمحصلة، لا يبدو أن عون بصدد حرق كل أوراقه لايصال روكز لقيادة المؤسسة العسكرية. فقد يلجأ، وحفاظا على ماء الوجه، على حث وزيريه على الاعتكاف لفترة بعد اقرار التمديد، على أن يعاودا عملهما بعدها... لتبقى المعركة الوحيدة التي يتعاطى معها كمعركة حياة او موت هي معركة رئاسة الجمهورية التي أنهكت وستنهك الجميع الا الجنرال الثمانيني الطموح.