لم يعد خافياً على أحد أن وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​، يتعرض ومنذ اليوم الأول لتوليه هذه الحقيبة السيادية، لحملة إعلامية عنيفة، مصدرها، ليس "حزب الله" أو شخصية سنية على خلاف مع "تيار المستقبل"، ولا حتى التيار الوطني الحر. إنه جناح داخل التيار الأزرق ينتظر المشنوق خلف الكوع، يراقبه جيداً ويرصد قراراته في الوزارة، للتصويب عليه في الإعلام والسياسة، جناح زميله في الحكومة وتيار المستقبل وزير العدل ​أشرف ريفي​ الذي إستطاع أن يحرك الشارع الإسلامي المتطرف ضده، حتى لو وصل الأمر الى حدود السجالات النيابية العلنية بين نواب "كتلة المستقبل" المنقسمين بين مهاجم ومنتقد لما يقوم به وزير الداخلية في ملف الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، ومدافع عنه على إعتبار أن ما يقوم به ليس إلا بتوجيهات من رئيس التيار النائب سعد الحريري، وبالتالي على الجميع تبني ما يقوم به المشنوق والإلتزام به.

ولأن المعترضين على المشنوق ينتمون بغالبيتهم الى الفكر السلفي المتشدد، يظهر الهجوم الراهن عليه الأكثر تشدداً وسخريةً، منذ أن أبصرت حكومة تمام سلام النور. سخرية يقصد منها السلفيون ومن خلفهم تشويه صورة المشنوق وحرق كل أوراق قوته التي يمكن أن يستعملها في يوم من الأيام كتأشيرة دخول الى السراي الحكومي، إذا كان الظرف السياسي في حينها يتطلب بديلاً عن الحريري لهذا المنصب .

"اللهم انتقم من المشنوق وخذه أخذ عزيز مقتدر، اللهم شتّت شمله ومزّق جمعه واجعل دائرة السوء تدور عليه وعلى من معه ومن حالفه ومن أيده يا الله". هو نموذج عن عيار الشعارات التي يطلقها السلفيون عبر وسائل التواصل الإجتماعي لمحاربة وزير الداخلية. ولكن ليس بالتحريض فقط يحارب هؤلاء المشنوق لحرقه سنياً أذ يعتبرون أن النكات أحياناً قد تقلّب الرأي العام ضده، ومن هذه النكات التي توزع لهذه الغاية، " : . ! !".

ولأن حربهم مفتوحة ضده، لا يوفر السلفيون وسيلة إلا ويصوبون من نافذتها على وزير الداخلية، وبما أن نشاطه أمني بإمتياز، يرصدون تحركات فرع المعلومات ومداهماته، لتحميل المشنوق ما يعتبرونه هفوة يرتكبها هذا الجهاز الأمني الذي يتبع له إدارياً. وفي هذا السياق، أثار السلفيون منذ أيام عاصفة من التعليقات المنتقدة للمشنوق عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وذلك على خلفية مداهمات نفذها عناصر من المعلومات في الشرحبيل بحثاً عن أحد الفارين من جماعة أحمد الأسير، وكيف أنهم اوقفوا زوجة المطلوب عندما لم يعثروا عليه داخل المنزل. وهنا تركزت أسئلة السلفيين منذ متى في القانون تعتقل الزوجة نيابة عن زوجها، وهل يعامل هذا الجهاز جميع المطلوبين بهذه الطريقة أم هي مخصصة فقط لأهل السنة؟

إذاً ليست المرة الأولى التي يصوب فيها المعترضون على أداء المشنوق على وزير الداخلية، لكنها المرة الأولى التي تخرج الى العلن بطريقة، تهدد فيها من جهة كتلة المستقبل، ويكون السلفيون رأس حربتها من جهة أخرى. وأمام هذا الواقع يحضر السؤال، هل سيضطر الحريري الى الحسم مجدداً مع نواب ووزراء داخل كتلته لوضع حد لهذه الحملات المصدّعة، كما حسم أمر خالد الضاهر منذ أشهر قليلة؟