لم يعد ينفع في لبنان الحديث عن ناقوس الخطر بصيغة المفرد، بل إنَّ الوضع بات يستلزم الحديث عن نواقيس الخطر، بصيغة الجمع، لأنَّ الوضع بات يحمل أخطاراً متعددة ومخاطر جمّة، على كلِّ المستويات، الوطنية والسياسية والأمنية والمعيشية والدستورية والنقدية.

***

ناقوس الخطر الأول أنَّ أزمة النازحين السوريين تزداد استفحالاً، فعلى رغم أنَّ الحكومة اللبنانية اتَّخذت قراراً بعدم استقبال النازحين إعتباراً من مطلع هذه السنة، فإنَّ المعلومات الحكومية تتحدث عن أنَّ الحبل ما زال على الجرَّار، وأن عشرات الآلاف دخلوا إلى لبنان منذ تاريخ المنع. تأسيساً على ما تقدَّم فإنَّه من غير المستبعد أن يستفيق الشعب اللبناني يوماً على خبر أنَّ عدد النازحين بلغ المليونين أي ما نسبته % من عدد الشعب اللبناني! فهل من حالةٍ في العالم مشابهة لهذه الحالة؟

ماذا ستفعل الحكومة اللبنانية حيال هذا الواقع، نحن ندقُّ ناقوس الخطر أما هي فماذا ستفعل؟

***

ناقوس الخطر الثاني أنَّ الدين العام في لبنان بلغ سبعين مليار دولار، وهذا الرقم ليس وجهة نظر بل إنَّ الرئيس نبيه بري هو الذي كشف عنه، وجاء هذا الكشف في معرض حثِّ جميع المعنيين على العودة إلى مقاعد التشريع في مجلس النواب، بعدما مرَّ من الدورة العادية أكثر من نصفها ولم يتبقَّ منها إلا شهر.

***

ناقوس الخطر النقدي يؤدي مباشرةً إلى ناقوس الخطر التشريعي، المواجهة تقترب بين مَن يؤيِّدون تشريع الضرورة وبين مَن يعتبرون أن لا ضرورة للتشريع في ظلِّ الفراغ الرئاسي، وبين الضرورة واللاضرورة تستعد الساحة السياسية لخوض معركة شرسة بين الطرفين، فإحدى وجهتي النظر تنتقد مَن يعطِّلون التشريع بحجة عدم وجود رئيسٍ للجمهورية وهم أنفسهم يقاطعون جلسات إنتخاب الرئيس، وهذا انتقادٌ من أوساط الرئيس بري إلى نهج الرابية، فيما تردُّ أوساط العماد عون أن الأولوية هي لإنتخاب رئيسٍ للجمهورية وهو أولوية الأولويات.

***

ناقوس خطر آخر، تربوي هذه المرة، فقد عادت هيئة التنسيق النقابية إلى التلويح بمقاطعة الإمتحانات الرسمية، فهل تتكرر مأساة إعطاء الإفادات بدل الشهادات؟

في هذه الحال كيف يمكن إقرار سلسلة الرتب والرواتب في ظل عدم إنعقاد جلسات مجلس الوزراء؟

***

وسط كلِّ نواقيس الخطر الماثلة أمام أعين الجميع، تبدو في المقابل حركة دبلوماسية تسعى إلى دقِّ ناقوس الخطر لدى عواصم القرار سعياً لإخراج الوضع اللبناني من المأزق الذي هو فيه راهناً، في هذا السياق تأتي الزيارة المرتقبة للرئيس سعد الحريري إلى موسكو منتنصف أيار المقبل، حيث يُتوقَّع أن يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبعض المسؤولين الروس الكبار. يأتي الإعلان عن هذه الزيارة في وقتٍ ما زال فيه الرئيس الحريري في واشنطن، وهذا دليل على أنَّ العمل الدبلوماسي لا يكون في الداخل، بل إنَّ ناقوس الخطر يُفترض أن يدقَّ بين واشنطن وموسكو، وفي عواصم أخرى أيضاً، وهذا ما يتولاه الرئيس الحريري.