ليس من باب الصدفة أن ما من شخصية طرابلسية وضعت نفسها حتى اللحظة في الواجهة الإعلامية كرأس حربة في معركة الموقوفين الإسلاميين، كما كان يحصل سابقاً. فمن كان ينصّب نفسه في السابق للحديث مع وسائل الإعلام في قضايا كهذه، إما تمّ توقيفه ويحاكم أمام المحكمة العسكرية، وإما تلقى نصائح أمنية وسياسية بالإبتعاد عن الأضواء لا سيما في هذه المرحلة، والسبب قرار سياسي وأمني متّخَذ على أعلى المستويات بعدم السماح لأي فريق بأن يعيد عقارب الساعة الى الوراء في طرابلس.

وفي هذا السياق، تفيد المعلومات بأن هذه النصائح شملت جميع الشخصيات والمشايخ المتعاطفة أو التي قد تتعاطف مع شارع الإسلاميين، من إمام مسجد التقوى الشيخ سالم الرافعي الى عضو هيئة علماء المسلمين الشيخ نبيل رحيم وصولاً الى الشيخ خالد السيد صاحب الكلمة المسموعة في ​باب التبانة​. وعن هذه النصائح يقول المتابعون، "لقد تركزت على السقف الأمني المسموح به للتحركات التي ينوي اهالي الموقوفين الإسلاميين القيام بها، إذ أن القرار السياسي والأمني الذي يحكم مسار هذه القضية، يترك هامشاً لتحركات هؤلاء على أن تبقى الأمور مضبوطة وتحت السيطرة". ويضيفون: "على سبيل المثال لا الحصر، من المسموح أن ينظم هؤلاء مسيرة تضامنية مع الموقوفين داخل باب التبانة، ومن المسموح أيضاً أن يقفلوا مستديرة أبو علي لساعات قليلة على رغم موقعها الإستراتيجي وما يسببه ذلك من زحمة سير خانقة في عاصمة الشمال، كما أن من المسموح أيضاً أن يتظاهر الأهالي بين الحين والآخر أمام سجن رومية المركزي أو وزارة الداخلية".

كل هذه التحركات المسموحة يعتبرها مسؤول أمني بمثابة التنفيسة التي تُعتمد عادة في التعاطي مع كل الملفات المشابهة، ويقول "في القضايا الإحتجاجية المشابهة لهذا الملف، يجب اللجوء دائماً الى مثل هذه التنفيسة، أما في الأمور الأمنية والميدانية، فلا وجود لهذه الأمور إذ يكون الحسم العسكري دائماً هو الحل بعيداً كل البعد عن أي تراخٍ ومسايرة ". لذلك ممنوع على أهالي الموقوفين الإسلاميين النزول الى الشارع الطرابلسي بالسلاح وقطع الطرقات بالقوة والإعتداء على مواطنين لا يشاركونهم رأيهم السياسي أو ينتقدونهم على ما يقومون به. ممنوع أيضاً أن تُقطع طرقات رئيسة في طرابلس من قبل الأهالي لأيام وأيام، وأن تُعزل المدينة عن محيطها كما كان يحصل سابقاً. ومن الأمور الممنوعة أيضاً والتي تعتبر بمثابة الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها، الإعتداءات الأمنية على مراكز الجيش المنتشرة والتعرض لدوريات قوى الأمن الداخلي.

لكل ما تقدم، لم يظهر في التحركات الأخيرة التي نظمها أهالي الموقوفين حشد شبابي طرابلسي بل إقتصرت المشاركة على النساء فقط، ولكل ما تقدم لم يتبن أحد هذه القضية لدرجة تنصيب نفسه ناطقاً بإسم أهالي الموقوفين، ما عدا بعض الإطلالات الإعلامية بين الحين والآخر للشيخ محمد ابراهيم.